حراك المعلمين

حراك المعلمين
الرابط المختصر

يشكل اضراب المعلمين والذي تصاعدت حدته في الايام الأخيرة نمطا جديدا في علاقة فئة مجتمعية ذات مطالب حياتية مشتركة بالدولة. وشكل اعتصام الاف المدرسين امام مبنى الرئاسة قبل ايام وتصعيدهم للاضراب واصرارهم على تلبية مطالبهم نقطة تحول في العمل النقابي لواحد من اهم القطاعات المؤثرة في المجتمع. هناك انتقادات محقة بالنسبة لرد فعل الحكومة والوزارة المختصة بخصوص التعامل مع الأزمة التي عطلت العملية التربوية. ولا يخفى ان هناك تعاطفا واضحا من قبل الصحافة والنواب وقطاعات واسعة من المجتمع تجاه مطالب المعلمين بغض النظر عن موقف الحكومة وتبريراتها.

من المهم ان تتدارك الحكومة الموقف وبسرعة ولا يعني انصياعها لمطالب المعلمين او دخولها في مفاوضات معهم انها تضحي بالمصلحة العامة او بولايتها ومسؤولياتها. لقد فتح الربيع العربي صفحة جديدة في تعامل الدولة مع اطياف المجتمع وأعاد تعريف تلك العلاقة وصحح مسارها ومن الضروري ابقاء قنوات الحوار مفتوحة تجنبا لاستفحال الأزمة.

حراك المعلمين ليس سياسيا لكن استمراره قد يفجر ازمة سياسية نحن في غنى عنها ويعيد الحكومة والمجتمع الى المربع الأول بعد ان تجاوزنا تقلبات عام 2011 باقل الخسائر واطلقنا مرحلة حساسة من الاصلاح السياسي والتشريعي. نتفهم حرص الحكومة على ادارة ملف الانفاق العام في اوقات اقتصادية عصيبة وتصميمها على التقيد بموازنة تقشف لمواجهة ارتفاع فاتورة الطاقة التي ارهقت الخزينة العامة وجيوب الناس، لكن ذلك لا يجب ان يأتي على حساب الاستقرار والأمن المجتمعي خاصة عندما يتعلق الأمر بقطاع التعليم الذي يعاني من مشاكل كثيرة.

على الحكومة ان تتحسب لمزيد من الحراك في قطاعات اخرى خاصة بين موظفي القطاع العام بسبب الغلاء والتضخم وتخبط مشروع الهيكلة، في ظل الالتزام بموازنة تقشفية تزيد من حالة التذمر بين اوساط الناس والقطاعات الاقتصادية. وما شهدناه في اليونان قبل ايام من اضطرابات عمالية واحتجاجات ضد اجراءات تقشف اضافية مؤشر على ما يمكن ان يحدث في حال تفاقمت الامور وفشلت الحكومة في ادارة الملف الاقتصادي.

في شأن آخر من الضروري ان تتصدى الحكومة بشجاعة لقضية تكاليف الطاقة التي تلتهم نحو ثلث الموازنة ولا ندري كيف ستتعامل الدولة مع هذا الموضوع في السنوات القادمة اذا ما استمرت اسعار النفط بالارتفاع وعجزنا عن توفير بديل مقبول للغاز المصري. الحلول تكمن في مراجعة القوانين والتشريعات والضرائب لتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين الاجانب على الدخول في مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة من رياح وطاقة شمسية وحرارية. وهنا اشير الى توقيع اتفاقية مؤخرا لانارة محافظة الطفيلة بالطاقة الشمسية كمشروع ريادي يستحق التشجيع.

لا يكفي ان تتحجج الحكومة بارتفاع تكاليف الطاقة وازدياد العجز والتزامها بموازنة تقشفية كلما زادت وتيرة المطالب الشعبية. المطلوب ايجاد حلول خلاقة توازن بين الاستجابة لمطالب قطاعات مظلومة في المجتمع دون ان يؤثر ذلك على دور الحكومة في الاضطلاع بمسؤولياتها في مواجهة تحديات ارتفاع الاسعار والبطالة والفقر وتشجيع الاستثمار والتنمية المستدامة.

span style=color: #ff0000;الدستور/span

أضف تعليقك