حرائق على حدودنا .. دعونا «نتوافق» لمواجهتها!
السؤال الذي يجب أن نطرحه، ونتوافق على إجابة “موحدة” عليه بعيدا عن حدّة التجاذبات والأهواء السياسية، هو: كيف نجنب بلدنا الوقوع في “الحرائق” المشتعلة من حولنا: الحرائق العسكرية التي ارتفع لهيبها على حدودنا الشمالية، والحرائق السياسية التي يجري التحضير لها على حدودنا الغربية؟
لا يراودني - بالطبع - أدنى شك بقدرتنا على مواجهة هذا وذاك لو كانت جبهتنا الداخلية تتمتع بما يلزم من “عافية”، لكننا - للأسف - خسرنا على مدى العامين المنصرمين “فرصة” اصلاح تلك “الجهبة” ولمّ شملها انطلاقا من “مشروع” الإصلاح الذي كان تحقيقه حلما للأردنيين كلهم، ومع ذلك - ولكيلا نتهم بأننا نمارس الحكمة بإثر رجعي - نقول إن أمامنا فسحة للتفكير واستعادة الوعي من جديد، سواء على صعيد تحريك “عقارب” ساعة الإصلاح والخروج من دوامة “الدوران” حول الذات وصولا الى “طاولة” الحوار التي يجب ان تنصب على الفور من أجل “التوافق” على اولويات المرحلة وخياراتها، أو على صعيد “فتح” القنوات السياسية لوضع “الناس” أمام حقائق ما نتعرض له من تهديدات، وما ينتظرنا من “ملفات” وصولا إلى “بناء” موقف رسمي مدعوم شعبيا للتعامل مع الحرائق التي أشرت اليها سلفا.
لا أريدأان أصدق كل تلك “التقارير” التي تفيض بها الصحف والشاشات حول “التحولات” التي طرأت على الموقف الأردني تجاه الحرب في سوريا، أو حول “التسخينات” التي تجري في “ملف” التسوية، لكن كل ما أتمناه أن تكون غير صحيحة، وأن تكون “ردود” البعض عليها مجرد “استعجالات” لرفع العبث، فأنا - مثلا - لا أتصور أن بلدنا سيقحم نفسه في “حرب” ضد سوريا تحت أي عنوان، كما لا أتصور أن الأردن سيدفع “ثمن” التسوية التي “تصممها” واشنطن لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
صحيح اننا لا نستطيع ان “ننأى” بأنفسنا عن “الصراعين” الدائرين على تخوم حدودنا، فقد أصبح “ملف” اللاجئين السوريين في بعديه الإنساني والسياسي “خطرا” يداهمنا، كما أن “شرارة” الحرب الأهلية التي تدور قرب دمشق قد تمتد الينا، لكن ألم نمر في هذه التجربة مطلع التسعينيات إبّان الحرب على العراق، حيث استطعنا أن نخرج منها بأقل ما يمكن من خسائر؟
ألم نمر - أيضا - بتجربة مماثلة مع “ملف التسوية” حين أوشك كلينتون على إقناع عرفات بـ”وصفة” التخلي عن “القدس” كعاصمة للدولة الفلسطينية، وقد خرجنا آنذاك مع إخواننا الفلسطينيين منها؟
لا أتصور أننا أصبحنا بلا “اوراق” سياسية حتى نخضع لمنطق “القبول” بالمعروض، والمهم ان تكون “جبهتنا” الداخلية موحدة وخياراتنا واضحة، وقراءتنا للمشهد السياسي أبعد من “اللحظة” التي يريد البعض ان نبقى أسرى لها.
كيف؟ هذا يحتاج لآراء “الحكماء” في بلدنا، فنحن أحوج ما نكون اليوم الى صوت “العقل” الذي يحرر إرادتنا من “غفوتها” وحالتنا الوطنية من اشتباكاتها وصراعاتها، وبوصلتنا من تشتت اتجاهاتها.
فلا مصلحة لبلدنا في هذه “المناكفات” والاصطفافات ولا وقت لدينا لنمضيه في المنابزات السياسية.. فالدول والشعوب تتوحد أمام “النوازل” وتؤجل “اختلافاتها” لما بعد مرور العواصف.. وهذا ما يجب أن نفعله.
الدستور