ثقة تضعضع الثقة

ثقة تضعضع الثقة
الرابط المختصر

الثقة التي حصدتها الحكومة ليست في صالحها كما أنها لا تصب في تحسين صورة مجلس النواب في أذهان الناس.

وأظن أن النواب بتفانيهم في زيادة عدد مانحي الثقة أفسدوا فرحة الحكومة بالثقة التي حصلت عليها، وحرموها من التمتع بطعم النجاح.

فمن ناحية يبدو أن الحكومة لم تجهد في الحصول على الثقة، ولم تشعر أنها تواجه تحديا يتطلب عملا مضنيا لنيلها، ومن جانب آخر لم يرهق النواب أنفسهم ولو قليلا لتحسين الانطباع السلبي لدى لناس حول مؤسستهم المهمة.

الثقة التي حصلت عليها الحكومة تصطدم مباشرة مع مدونة السلوك التي أعلنت عنها لتنظيم علاقتها بالنواب، خصوصا وأن نيل الثقة جاء بناء على تعهدات حكومية بتلبية مطالب بعضهم، ما يعني أمرين: فإما أن تتنصل الحكومة من المدونة وتلبي احتياجات النواب، أو أن تتواجه معهم بعد الالتزام بالمدونة.

جلسة التصويت على الثقة حملت أكثر من مفاجأة، ليس من بينها الرقم القياسي الذي حققته الحكومة، وأهمها الأداء المميز لسيدات الكوتا وحجبهن الثقة على الحكومة، واختيار تيار اليسار في المجلس ان يتفيأ بظلال الحكومة، ما ينزع عنهم صفة المعارضة النيابية ويحول دون احتلالهم موقع الإسلاميين بعد اعتزالهم.

فالتحفظ على معدل الثقة المرتفعة ليس بغضا بالحكومة، بل للحفاظ على هيبة الحكومة والمجلس ومحاولة أخيرة لعدم إفساد إمكانية بث رسالة للناس تؤكد أن ثمة روحا ودماء تنبض في عروق المجلس تمكنه من مواجهة التحديات الصعبة والمرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد.

في الفوضى المسيطرة على كل شيء لا يبدو أن الأردن بخير، وتحديدا فيما يتعلق بعلاقة السلطات ببعضها، حيث تعكس الحالة أن السلطات باتت في خندق والناس في خندق مواجه.

والتناغم والتوافق بين السلطات الذي يعكسه معدل الثقة، يؤكد أن قضايا كثيرة غابت عن تفكير النواب وهم يؤكدون ثقتهم اللامحدودة بحكومة سمير الرفاعي الثانية.

ولا أظن أن نوابنا فكروا في المعوزين والعاطلين عن العمل، ولم يخطر ببالهم تردي المستوى المعيشي الذي يعاني منه المواطن.

كما أن ممثلي الشعب لم يفكروا في القرارات الصعبة التي تنوي الحكومة اتخاذها، ولم يعرفوا بعد أبعاد حالة العنف الاجتماعي التي تفتك بالمجتمع وتهدد باتساع دائرتها يوما بعد يوم.

وغاب عن أذهان النواب، ما حصل في ملعب القويسمة، وأسلوب التعاطي الرسمي مع القضية، ولم يفكروا في ارتفاع معدلات الضريبة.

ومن المؤكد أن النواب لم يعقدوا صفقات في الكواليس حيال المضي في عملية الاصلاح السياسي، ولم يفرضوا شروطهم فيما يتعلق بوضع قانون انتخاب عصري وحداثي يغير الواقع السياسي السلبي الذي نحياه.

ولا أعتقد أن النواب فكروا ولو قليلا في الأزمات التي جرّتها الحكومة، سواء ما يتعلق بالمعلمين، أو عمال المياومة، أو التوجيهي.

ومما لا شك فيه أن الثقة لم تمنح بناء على تراجع المؤشرات الاقتصادية وتوقع زيادة الفقراء خلال العام 2011، وانزلاق عدد كبير من منتمي الطبقة الوسطى الى الشرائح الأفقر.

النواب أغرقوا الحكومة بكرمهم الزائد عن الحاجة، والثقة التي قدمها مجلس النواب السادس عشر ستسجل كعلامة فارقة ستتحدث عنها الأجيال المقبلة كنموذج سيئ في العلاقة بين النواب والحكومة.

الغد