تيار «زمزم» الوطني .. بداية انشقاق ام محاولة لتصويب المسار؟

تيار «زمزم» الوطني .. بداية انشقاق ام محاولة لتصويب المسار؟
الرابط المختصر

حين كتبت قبل نحو اسبوعين عن “الحراك” المحتدم داخل جماعة الاخوان المسلمين، كنت ادرك تماما بان ردود الفعل الغاضبة من الطرفين داخل الحركة لن تتمهل لقراءة مقاصد “التحذير” من انشقاق كبير قد يحدث في اي وقت، لم يخطر في بالي –حينئذ- ان البعض سيدرجني في قائمة دعاة “شيطنة” الاخوان، او ان الاخرين سيعتبون عليّ لأنني قلت بان رائحة “صفقة” فيما يجري.. مع احترامي –بالطبع- للنوايا الطيبة التي لمستها من قبل هؤلاء الذين اكدوا لي بأن هدفهم الوحيد هو “انقاذ الجماعة وحمايتها من بعض الذين اخطأوا بحقها” نافين ان يكون احد قد دخل على الخط او ان اية صفقة تمت بينهم وبين اي طرف.

لكن ما حدث يوم السبت كان لحظة مفصلية في حياة “الجماعة”، فقد اجتمع نحو 60 قياديا اخوانيا في فندق “زمزم” بعمان واصدروا وثيقة مبادىء عامة بعنوان “المبادرة الاردنية للبناء” تضمنت في خطوطها العريضة ما يشبه خارطة الطريق لانطلاق تيار من داخل الجماعة تكون مهمته الاساسية “تصحيح” مسار الحركة واعادتها الى سكة ادبياتها ومواقفها التي قامت عليها منذ نشوئها قبل اكثر من 60 عاما.

ما الذي دفع دعاة هذا التيار الجديد الى اطلاق مبادرتهم؟ الجواب كما اكد احد اعضاء التيار هو شعورهم باليأس الكامل نتيجة ممارسات بعض القيادات الحالية سواء فيما يتعلق بانسداد الافق السياسي امام الجماعة وعدم قدرتها على المساهمة في اخراج البلد من ازمته او بسبب ما حدث من اخطاء في الانتخابات الاخيرة وعدم رغبة هذه القيادات على تصحيحها، او بسبب احساسهم “بتصاعد” النزعة الاقصائية داخل الحركة وما ترتب عليها من ممارسات فصل وتهميش لكثيرين بعضهم خرج من الحركة وبعضهم “اعتزل” وآثر الصمت.

هذه الاسباب –بالطبع- مفهومة، لكن ا لاهم منها هو ما تضمنه الهدف الاساسي لهذه “المبادرة” وهو تأسيس تيار اسلامي وطني يسعى الى تصويب مسار الحركة من خلال المشاركة السياسية عبر كافة المستويات واخراج الجماعة من الافق المسدود الذي وصلت اليه من خلال القيادة الحالية.

اذا دققنا في هذا الكلام الذي كان يطرح بصمت على امتداد السنوات الماضية، وخرج هذه المرة الى العلن وعلى شكل وثيقة سنكتشف بأننا امام اعلان عن “انشقاق” داخلي سيأخذ مسارين: مسار ابتدائي يسعى الى “تصويب” مسار الحركة ومحاولة اعادتها الى مهمتها الدعوية والسياسية التي نشأت عليها، ومسار تصعيدي قد يمهد الى “الخروج” نهائيا من رحم الجماعة وتأسيس “حركة” جديدة، وأخطر من هذه “الخروج” انه لن يتعلق بالقيادات فقد وانما سيشمل اعضاء من الشُّعَبْ والقواعد.

سنكتشف ايضا بأن خط هذا التيار سيكون “اسلاميا وطنيا” بمعنى ان اجندته ستكون “وطنية” وبالتالي فانه سيتبنى “مشروع” “بناء الاردن” على قاعدة المشاركة السياسية عبر كافة المستويات “البرلمان والحكومة ... الخ” وهذا يشكل تحولا جديدا في خطاب الحركة من داخلها، سواء على الصعيد “الوطني” وما فيه من اشتباكات والتباسات او على صعيد “المشاركة” وما يحيط بها من شروط واتهامات... وبمعنى اخر فان هدف هذا التيار الاساسي هو “احياء روح المشروع الوطني” داخل الجماعة، وحسم خياراتها تجاه هوية الحركة واولوياتها.

هل سينجح تيار “زمزم” في تصويب حركة “الجماعة”؟ وهل لديه ما يلزم من “امكانيات” لتحقيق ذلك؟ وماذا لو “استعصت” الابواب امامه؟ هل سنكون امام “انشقاق” شبيه بالذي تعرضت له حركات الاخوان في المغرب والجزائر وغيرهما؟ ثم ماذا عن “توقيت” انطلاق هذا التيار؟ وعن مواقفه من “مشروع” الاصلاح ومن العلاقة مع “حماس”؟...

الاجابات –الآن- ليست متوافرة، لكن الايام القادمة ستحمل –كما اعتقد- مزيدا من المفاجآت.

الدستور