تقرير مراكز المعاقين .. ماذا بعد؟

تقرير مراكز المعاقين .. ماذا بعد؟
الرابط المختصر

صدر أمس الاول التقرير النهائي، بمجريات التحقيق حول أوضاع المعاقين، في مراكز الرعاية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، وحمَّل التقرير المسؤولية لوزارة التنمية والمجلس الأعلى للمعاقين، وللإنصاف والمهنية، إنَّ تحميل التقريرِ المسؤوليةَ للجهات الرسمية بشكل واضح، خطوةٌ جديدة في التعامل مع القضايا العامة، إذ كنا في السابق نرى تقاريرَ تتحدث عن كل شيء إلا الحقيقة، ولكن السؤال الأكبر الذي يلحُّ على الجميع، ماذا بعد التقرير؟ وما الذي سيحدث؟.

لقد تعودنا أن نَهُبَّ على طريقة الفزعة، كلما اكتشفنا خللاً في مؤسسة عامة، وبعد أن يتدخل الملك بنفسه في كثير من الحالات، تستنفر كل الجهات المعنية لمعالجة الموضوع.

نسأل: لو لم يتدخل جلالة الملك، بعد اطلاعه على تقارير صحفية، تشير إلى خطورة الوضع في المراكز المعنية، هل سيكون ردُّ فعلهم بهذا المقدار؟ وهل حقاً أنهم كانوا لا يعلمون بما يدور في هذه المراكز؟ «وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم».

السؤال الكبير الذي طرحه الناسً، بعد انكشاف الجريمة، أين كانت الوزارة وكوادرها طيلة السنوات الماضية؟ وكم عمر هذه الجريمة وكم استمرت، والتي طالت كرامة الإنسان بشكل مقزز؟ أكاد أجزم أنّ معظم المسؤولين الذين مروا على هذه الوزارة، كانوا على علم بما يجري بشكل أو بآخر، ولم يحركوا ساكناً تجاه الحل.

نعود إلى السؤال الأكبر، ماذا بعد التقرير؟ من حقنا أن نعرف ماذا ستفعل الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة التنمية؟ وما هي الإجراءات الاحترازية التي ستتخذها، لعدم تكرار مثل هذه الجرائم؟ هل ستكتفي مثلاً بالتقرير، وتعتبر نفسها حققت إنجازاً، وتعود لصمتها وسكونها؟ أم سنرى إجراءات جذرية لحل القضية من أساسها، تبدأ بالمكان ولا تنتهي باختيار الأشخاص المؤهلين، للإشراف على هذه المراكز؟.

وزارة التنمية الاجتماعية لها دور من أخطر الأدوار، وأكثرها حساسية، لأنها تتعامل مع الإنسان مباشرة، مع يُتْمِهِ وفقره ومرضه وحاجته، نقول: إنسان يعني؛ روح ومشاعر ونفس، تفرح وتتألم وتحزن، وتشكو لربها العظيم، وهنا لا بدّ من إعادة النظر بإمكانيات وزارة التنمية بشكل كامل، ودعمها أولاً بالكوادر المؤهلة علمياً ونفسياً ومهنياً، ويجب أن لا يُنظر إلى تعيين أي شخص ما، في أي مركز من المراكز التابعة للوزارة، على اختلاف تخصصاتها كأي تعيين آخر في وزارة أخرى، فهذا الموظف سيتعامل مع بشر لهم صفات خاصة ومختلفة.

خلاصة القول: إنّ كادر وزارة التنمية، يجب أن يكون مختلفاً تماماً عن كل الكوادر العاملة في مؤسسات الدولة، كما يجب أن تشرف الوزارة بشكل مباشر على التعيينات، حتى في المراكز الخاصة، التي تقدّم خدمة مشابهة لبعض خدمات الوزارة، كما يجب أن يكون لوزارة التنمية، موازنة ترتقي بحجمها إلى حجم الواجبات الموكولة لهذه الوزارة.

من بين هذا كله، يبرز الدور الرقابي للإعلام على الموضوع، فقد تعودنا أن نسلط الضوء في الإعلام - وللأسف- على القضايا عندما تكون ساخنة فقط، ولفترة محدودة، ثم يغيب الموضوع تماماً عن مختلف وسائل الإعلام.

الإعلام يجب أن يكون رافعة وطنية لكل مشروع، أو عمل أو مهمة وطنية، على اختلاف التخصصات، وعلى اختلاف الميادين، ليكون عين الناس على الأداء العام، وأن يكون حلقة الوصل الإيجابية بين الناس ودولتهم. الإعلام يجب ألاّ يغرق بالسياسة كما فعلت -للأسف- الأحزاب، فهناك أمور أخرى أيضاً مهمة غير السياسة، وربما أهم من السياسة، وهي أمور تدخل في صميم الأمن المجتمعي، وشؤون الناس.

بعد صدور التقرير، حول ما كان يحدث في مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، علينا أن ندخل مرحلة جديدة في مفهوم مهمة وزارة التنمية، التي قلنا أن دورها أخطر مما يظن الكثيرون، وإعادة تأهيل هذا الدور، وخلق حالة دعم وطني لهذا الدور تحت الرقابة المشددة، حتى لا يتكرّر ما حصل، ونَهُبَّ من جديد فزعين أمام هول الجريمة.

nbsp;

span style=color: #ff0000;الدستور/span

أضف تعليقك