تغيير الحكومة يعني تأجيل الانتخابات
ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات عديدة تطالب برحيل حكومة عون الخصاونة وتشكيل حكومة جديدة. وتداولت وسائل إعلام ما سمته سيناريو وشيكا لتغيير حكومي
.المطالبون بالتغيير الحكومي ينقسمون إلى اتجاهين يختلفان في أسباب الدعوة وأهدافها: الاتجاه الأول حاضر على الدوام في النخبة السياسية الضيقة
. رغبته في التغيير نابعة من ولعه الشديد في لعبة التوزير وتدوير الكراسي. وأنصار هذا الاتجاه لا يمانعون من تغيير الحكومة كل أسبوع، لتعظيم احتمالات نيل المقعد الوزاري
.الاتجاه الثاني مختلف تماما، وينطلق في دعوته من حس بالمسؤولية الوطنية، ورغبة صادقة في تسريع عملية الإصلاح.
ومأخذه على حكومة الخصاونة أنها بطيئة، وتسير بخطى متثاقلة في إنجاز حزمة تشريعات الإصلاح. ويذهب البعض إلى حد اتهام الحكومة بالتباطؤ المتعمد لتأخير الانتخابات المفترضة هذا العام، والبقاء في سدة الحكم لفترة أطول.
حدث بالفعل تأخير في إعداد قوانين الإصلاح السياسي من طرف الحكومة؛ فقد كان بالإمكان إنجاز قانون الانتخاب قبل شهر من الآن.
وكانت هناك مماطلة من جانب النواب في مناقشة وإقرار قانون الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات
. لكن المجلس أنجز القانون أخيرا، وفي غضون الأيام المقبلة سيقره الأعيان، وبعد ذلك يمكن تشكيل الهيئة على الفور لتباشر التحضير للانتخابات النيابية
. ومع نهاية الشهر الحالي ستحول الحكومة إلى مجلس النواب مشروع قانون الانتخاب
. وأمام المجلس ثلاثة أشهر (الشهر المتبقي من الدورة العادية، وشهران لدورة استثنائية) لمناقشة وإقرار القانون، إضافة إلى عدد محدود من القوانين التي يمكن تأجيلها إذا لم يتح الوقت مناقشتها.
إذا كان دعاة تغيير الحكومة يأملون من وراء ذلك بتسريع الإصلاحات، فإن خطوة كهذه ستعطي نتائج عكسية، وتعطل عملية الإصلاح
. تشكيل حكومة جديدة يعني سلسلة من الإجراءات الدستورية، بدءا من مشاورات التشكيل، مرورا بإعداد البيان الوزاري، ثم طلب الثقة من مجلس النواب وماراثون طويل من المناقشات تحت القبة قبل منح الثقة.
هذه الإجراءات ستستهلك أسابيع عدة، بينما نحن في حاجة لاستغلال كل يوم لإنجاز المهمات المطلوبة في أسرع وقت، لنضمن إجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية العام الحالي
. وليس مستبعدا أن تبدأ الحكومة الجديدة نقاشا من الصف حول قانون الانتخاب مثلا، ما يجعل إجراء الانتخابات هذا العام أمرا مستحيلا.
مهما كان رأينا في الحكومة، فإن تغييرها الآن يعني تأجيل الإصلاحات والانتخابات إلى أجل غير مسمى.
السبيل المتاح لتحقيق الغاية من التغيير هو الدفع، وبقوة، لإقرار القوانين عبر البرلمان، وتشكيل الهيئة المستقلة في أسرع وقت ممكن، وتهيئة المناخ السياسي في البلاد لإجراء الانتخابات في ظروف مواتية تسمح بولادة مجلس نواب يمثل الأردنيين بشكل حقيقي.
ليعذرنا الإخوة المهووسون بلعبة الكراسي الوزارية، فهذا ليس وقت اللعب.
span style=color: #ff0000;الغد/span