تعديل السلوك قبل تعديل الدستور

تعديل السلوك قبل تعديل الدستور
الرابط المختصر

ما يعني الاغلبية الساحقة هو انتخابات نزيهة ومكافحة الفساد .

عبر سياسيون عن خشيتهم من ان لا تحظى خطوة تاريخية كتعديل الدستور بالشرعية الشعبية اللازمة اذا ما اصرت الدولة على انجازها بسرعة وتجاهلت التحفظات المطروحة بشأنها. ولتجنب هذا المأزق برز في الساحة السياسية والنيابية اقتراحان: الاول يمكن وصفه بالجذري يدعو الى وقف مناقشة التعديلات الدستورية والتوجه فورا الى انتخابات نيابية مبكرة بقانون انتخاب مؤقت, على ان يتولى المجلس الجديد مراجعة الدستور وتعديله. الثاني اكثر واقعية من الاول, اذ يقترح انصاره الاكتفاء حاليا باجراء التعديلات اللازمة لقانون انتخاب جديد, وتأجيل التعديلات الاخرى للمجلس النيابي القادم.

كلا الاقتراحين جاءا في الوقت الحرج حيث يصارع مجلس النواب الزمن لاقرار التعديلات الدستورية قبل عطلة نهاية الاسبوع, ليتسنى بعد ذلك لمجلس الاعيان اقرارها بما تبقى من عمر الدورة الاستثنائية.

التراجع في هذه اللحظة سيكون مدمرا على الدولة ويعطي الانطباع بعدم الجدية في الاصلاح.

مهما كان عمق التعديلات فإن الجدل حول الدستور لن يتوقف, ومن الصعب بناء اجماع وطني حول قضية اجتهادية كهذه. وبالنسبة للاغلبية الساحقة من المواطنين, المهم ليس تعديل نصوص الدستور فحسب, وانما تعديل السلوك العام للدولة ونظرتها للمجتمع ولقيم المشاركة والديمقراطية.

الحكم سيكون على الخطوات العملية اولا, وعند الممارسة فقط سيتبين للناس ما اذا كانت التعديلات كافية ام لا.

واعني بالخطوات العملية التزام الدولة بانجاز قانون انتخاب يساهم في تطوير الحياة الحزبية والبرلمانية, ويكفل وجود مجلس نواب قادر على ممارسة صلاحياته الدستورية كاملة, وقبل ذلك انتخابات حرة ونزيهة لا تتدخل فيها الاجهزة الرسمية ولا تمتد لها ايدي المزورين.

باستثناء عدد محدود من السياسيين فإن المطلب العام كان العودة لدستور 52 ولم تتدهور الثقة العامة بالدولة في السنوات الاخيرة لخلل في الدستور, الانهيار حصل بسبب تزوير الانتخابات اكثر من مرة وتراجع مكانة السلطة التشريعية وضعف الحكومات وانتشار الفساد في مفاصل القرار. 

ولكي نضع اقدامنا على الطريق الصحيح, يكفينا ان نتراجع عن هذه السياسة المدمرة ونشرع في عملية اصلاح شامل بعد اقرار التعديلات الدستورية.

العرب اليوم