تشويش داخلي

تشويش داخلي
الرابط المختصر

جماعات الابتزاز تشل قدرة الدولة وتضغط لخلق الفوضى .

في انتظار ادلة "الجزيرة" على اتهامات الاردن بالتشويش ثمة مؤشرات وادلة على تشويش من نوع آخر في الاردن تأخذ هذه المرة طابعا سياسيا داخليا وتأتي كعمل استباقي لتمهيد الارضية قبل الانتخابات النيابية والضغط باتجاه تغييرات في مواقع سياسية وسيادية متقدمة في الدولة والحكومة. ولمصلحة لوبي سياسي واقتصادي بعينه لم ييأس يوما من العودة الى مراكز صناعة القرار ويتحين الفرص للانقضاض على الكراسي.

لو كان الصراع سياسيا ووفق قواعد اللعبة المعروفة والمعهودة في الديمقراطيات لما عارضه احد, لكن ومنذ تعطل مسار التحولات الديمقراطية في البلاد لم يبق في الساحة غير الشّلَل والجماعات الانتهازية التي لا تتورع عن تلطيخ سمعة الوطن وتشويه صورة الشعب والدولة من اجل منصب سياسي.

من يصدق في العالم كله ان الاردن على شفا حرب اهلية طاحنة, او ان اقتصاده على وشك الانهيار رغم ما يعانيه من ازمات وهل حقا الصراع في الاردن قبلي وعشائري, شرق اردني وغرب اردني?

ثم كيف لمحلل اقتصادي معروف ان يكتب بأن المساعدات الامريكية للأردن تراجعت هذا العام مع انها زادت 150 مليون دولار مقارنة مع العام الماضي.

وقبل أن نتبين الخيط الابيض من الاسود في قضية "التشويش" على "الجزيرة" أو الاطلاع على الادلة والتحقيق فيها من طرف خبراء فنيين كما طلبت "الجزيرة" ووافقت الحكومة, قبل ان يحصل ذلك كله, يتبرع البعض بحسم القضية لصالح طرف وتوجيه الاتهامات لمسؤول بعينه لا بل ومحاكمته استناداً لتصريحات مزعومة في اجتماع ابدى معظم المشاركين فيه استعدادهم للقول علانية ان المسؤول لم ينطق بكلمة مما نسب اليه من تهديدات "للجزيرة". ويكون الهدف من وراء هذا التشويه واضحا وصريحا, استقالة المسؤول فورا وتحميله المسؤولية, وكأن الاردن سيفلت من المساءلة بمجرد استقالته.

ويستمر مسلسل التشويش الداخلي في حلقات جديدة يكون الاعلام الالكتروني ميدانها فنقرأ اخبارا عن تغييرات وشيكة فتمر الايام ولا يحصل التغيير الموعود, لكن أحدا لا يتوقف عند سؤال المصداقية.

لقد تراجعت قدرة الدولة على ادارة الصراع وتوجيهه في سياق وطني وضمن اهداف محددة ومتفق عليها ومع ضعف روحها المؤسسية بدت مكشوفة امام هجمات منظمة واقل مناعة في مواجهة جماعات الضغط والابتزاز الداخلية والخارجية.

التشويش ليس اداة من ادوات الديمقراطية او وسيلة لتصويب الاخطاء في السياسات العامة وهي كثيرة بلا شك, لكنها محاولة لتوظيف الازمات والمشاكل من اجل اهداف ومصالح ضيقة.

تحتاج الدولة الاردنية الى توجيه استراتيجي جديد ومتطور يعيد تعريف المصالح والاهداف ويرسم قواعد جديدة لِلّعبة الداخلية, فنحن في اقليم مفتوح على الفوضى والاضطراب, ولا بد من دولة قوية وقادرة محصنة بجبهة داخلية متماسكة قائمة على المنهج الديمقراطي وسيادة القانون كي لا نقع ضحية الصورة المشوشة.

العرب اليوم