تريدون الإصلاح؟ هذا هو الثمن!!

تريدون الإصلاح؟ هذا هو الثمن!!
الرابط المختصر

ثمة من يريد ان يوهمنا بأن ثمن الإصلاح سيكون مزيدا من «العنف»، ومزيدا من صراعات «الهوية» والانقسام الاجتماعي وتهديد الوحدة الوطنية، وثمة من يحاول ان يقنعنا بان الاصلاح ضد الولاء وضد «المواطنة» الصالحة وضد اطياف محددة من «الاقل حظا» في بلدنا.

لا شك بأن كثيرين قد «لعبوا» على خط «ثمن الاصلاح» وكلفته المجهولة، وقد تحركوا اسرع مما كنا نتوقع لاجهاض اية محاولة تدفع في هذا الاتجاه، كما انهم «ابتدعوا» ما يلزم من وسائل لتحقيق ذلك، تارة عبر الرسائل التي تشكك في مقاصد دعاة الاصلاح، وتتهمهم «بالعبث» في مصير البلاد، وتارة «بتخويف» الناس من مآلات هذه الدعوات ونتائجها التي ستفضي الى «خسارة» اطياف محددة من مجتمعنا لمصلحة آخرين «جدد» وكأن بلدنا يتصارع على المصالح والمنافع، وتارة اخرى بالنزول الى الميدان وتقديم «بروفة» عملية لما يمكن ان تصير اليه احوالنا لو سمحنا لهؤلاء بالاستمرار في الاعتصامات والاحتجاجات.

منطق هؤلاء –باختصار- يقول: اذا كنتم تريدون الاصلاح فهذا ثمنه، تماما مثلما رأيتم في «جمعة الدوّار» والدوار هنا وصف لحالة مفترضة وحقيقية وليس مجرد مكان فقط، انه مصدر «صداع» سياسي واجتماعي قد يتحول الى «اختلال في الوزن» وفقدان للسيطرة وانفلات مخيف لعمل اعضاء الجسد الواحد، وحالة من «العصاب الذهني» لا يعرف احدٌ الى اين ستنتهي او متى ستتوقف.

البعض صدّق هذا المنطق، وانتابته حالة من «الرعب»، واندفع للتعبير «بغرائزه» عن مصالحه التي اعتقد انها تتماهى مع مصالح الوطن، وهؤلاء –بالتأكيد- ليسوا مجرمين وانما ضحايا لعملية «تجييش» واسعة مورست في الاسابيع الماضية وحاولت ان تفرز من الناس «اسوأ» ما فيهم، وان تستخدمهم لأغراض غير بريئة، اما البعض الآخر فقد «استدرج» الى هذه «الواقعة» بلا اقتناع، سواء بسبب جهله بما يدعو اليه المحتجون من اصلاحات، او بسبب مخاوف وهمية تنتابه من مآلات الاصلاح التي يمكن ان تتعارض مع ما حصل عليه من مكاسب، فيما وجد آخرون انفسهم وسط «الحدث» دون ان يعرفوا عنه شيئا، وهؤلاء لا نعرف من اين جاءوا؟ ولماذا؟ ولكنهم –بالتأكيد- ادوا المهمة التي استدعوا اليها بمهارة واقتدار.

السؤال الذي لم يجب عنه احد بعد هو: ما هو ثمن الاصلاح؟ وماذا سيترتب عليه بالنسبة «للاردنيين» كلهم؟ وهل صحيح ان لكل واحد منا –مهما اختلفت اصولنا واتجاهاتنا ومناطقنا.. الخ- مصلحة في تحقيق الاصلاح؟ هذا الذي نطالب به وفق «وصفات» مختلفة لم تحسم في وصفة واحدة فقط، ولم تقنع البعض بأنها تتوافق مع مصالحهم واحلامهم ايضا.

اعرف ان كثيرين سيجيبون على الفور: كلنا نريد الاصلاح، ولكن الحقيقة غير ذلك، وهذا ما يجب ان نعترف به، وانا لا اقصد هنا «اعداء الاصلاح» هؤلاء الذين يعتقدون ان الاصلاح ضد مصالحهم ومكاسبهم وضد عقليتهم التقليدية ايضا، وانما اقصد «فئات» اخرى وصلت اليها رسائل الاصلاح بالشكل الغلط، فأصبحت «مرعوبة» منه، ورافضة له دفاعا عن وجودها، واخرى وصلت اليها هذه الرسائل بشكل «مسموم» ومتعمد، فاختلط عليها الامر الى ان جرى «سحبها» بطريقة او بأخرى الى الساحة.

ما اريد ان اقوله هو ان مهمة البعض في صناعة «صراع» اجتماعي على الاصلاح قد نجحت حتى الآن، ولا يجوز ان ننكر ذلك، وعلينا ان نتعامل معها بهدوء وحكمة، لا من اجل تحقيق الاصلاح فقط، وانما من اجل الدفاع عن «وحدتنا» الاجتماعية، وعن «استقرار» بلدنا، اما كيف؟ فأستطيع ان اقول بان اعادة «الوعي» للناس حول مصيرهم الواحد ووطنهم الواحد وقضاياهم ومصالحهم الواحدة، هي الاساس الحقيقي الذي يمكن ان نبني عليه «توافقا» عاما على «الاصلاح» بلا غالب ولا مغلوب.

الدستور