مصطلح التدبير قد يبطن معنى عميقا للتهديد، وعندما يقول أحد لآخر «بدبرك»، ففي القصة تهديد او ربما تصفية حساب، تتضمن حالة ما من قصاص أو ربما «تعزير».. لكن؛ كيف يمكن لنا أن نفسر توصيات مجلس الوزراء في اجتماعه أمس الأول، حين خاطب بعض الوزارات بل كلفها باقتراح «تدابير»، تتقصى استفادة الأردنيين من الدعم الحكومي للغاز المنزلي والخبز، وكل شيء تدعمه الحكومة، ولا يستفيد منه فقراء الأردنيين بشكل كامل، بل يذهب جله لأغنياء الأردنيين ولضيوف الأردن جميعا..

لو كان مجلس الوزراء كلف وزراء باتخاذ تدابير وليس اقتراحها، لتوقعنا حينئذ مغامرات حكومية لا شعبية، كأن يتم ايقاف جزئي للدعم، او اقتراح ضرائب أخرى، أو إجراءات حكومية تنفيذية مكلفة ماليا، لكن مجلس الوزراء قال «اقتراح تدابير»، بعد أن وضح أرقاما ونسبا مئوية عن مقدار الدعم الحكومي الذي يصل فعلا الى فقراء الأردن، إذ بين مجلس الوزراء أن نسبة الدعم الحكومي لمادة الخبز 185 مليون دينار، واستحوذت الطبقة الفقيرة على نسبة تزيد قليلا عن 13% بينما استحوذت الطبقة الغنية على نسبة تزيد قليلا عن 11%،  والمطلوب في هذه الحالة أن لا يستفيد الأغنياء من هذا الدعم، فماذا نتوقع من اقتراحات لحل هذا الاختلاط والجموح في النسب؟ ربما سيبدأ المنهجيون في طلب تعريف واضح وحاسم على هيئة سؤال : «من هو الفقير ومن الغني؟»،  ولو تم سؤال أحد رموز الشد العكسي عن اقتراح بديل لقال : ابعدوهم عن الحكومات وعن الأردن إنهم أكلوا البلد وأكلوا الدعم وأكلوا المواقع القيادية..أكلوها أكلا، وبالطبع سيجد مثل هذا الاقتراح مؤيدون خصوصا من الأغنياء الضامنون عدم ورودهم في ذهن صاحب الاقترا كأغنياء أو «أكّيلة بلد ومواقع»، وفي النهاية يصبح الموضوع سياسيا، ويغادر سريعا موقعه كموضوع اقتصادي اجتماعي يقع في صلب دور الحكومات تجاه رعاياها.

ماذا لو طلبت الحكومة مني مثلا، أن أقدم اقتراحا بديلا لموضوع «غاز الطهي المنزلي» الذي بين مجلس الوزراء أن قيمة الدعم التي تصل الى الطبقة الفقيرة تبلغ حوالي 10% فقط؟!.. سأعتبر أنها طلبت مني بالفعل، وسوف أقترح الآتي:

امنعوا استخدام الغاز، حتى من القداحات، وأعيدونا الى «بوابير الكاز، والحطب، اجعلونا الحطب ذاته، وأشعلوها ثورة حمراء فينا، ولا تتوقفوا عن التثوير والاحمرار الى حدود التوهج، اجعلوا بياض ضمائر الفقراء يتحول الى جمر ثم ينطفىء ويصبح رمادا بلون السواد.

تدبير اشتعال بالكاز هو بديل عن الاشتعال بالغاز، وهذا ما أسميه تفسير أوضح للأحاجي والألغاز..

طيب؛ «بدبركوا». يا من اكلتوا دعم البلد..وأنا متأكد بأنكم ستنكرون الطعم الزاكي لهيك دعم للبلد، يا «فجعانين» ونكَّارين..

الدستور