تحية لنقابة المحامين.. ولكن

تحية لنقابة المحامين.. ولكن
الرابط المختصر

في خطوة إيجابية تستحق الثناء قررت نقابة المحامين الأردنية المشاركة في مداولات المراجعة الدورية التي ستعقد في جنيف الخريف القادم من خلال تقديم تقرير خاص حول الوضع القانوني في الأردن. وقد كان مثلجاً للصدر مشاركة الأستاذ وليد العدوان عضو مجلس نقابة المحامين في الاجتماع التشاوري الذي دعي له تحالفي "عين الأردن" و"إنسان" يوم الأربعاء الماضي.

 

وقد أوضح العدوان في الاجتماع التشاوري الذي عقد في مقر اتحاد المرأة الأردنية في عمان ان تقرير النقابة سيركز على الطلب بالعديد من الإصلاحات القانونية فيما يخص المحاكمة العادلة وحرية التعبير وتوفير العدالة للجميع.

 

ومع أهمية المشاركة النقابية في تحرك المجتمع المدني للضغط على الحكومة للإصلاح فإن المنطق يقول ان هناك حاجة للتطابق في كافة مواقف نقابة المحامين. فليس من المنطق ان تقدم نقابة المحامين مواقف ومداخلات مطالبة بحق الجميع في الوصول الى العدالة مبدئية في أطر مهمة مثل مجلس حقوق الإنسان في جنيف في حين تستمر النقابة في محاربة مؤسسات مجتمع مدني مهتمة بتوفير النصح والحماية القانونية لمن لا تتوفر لهم القدرة المالية. فأهمية الوصول للعدالة يجب أن تتوفر للجميع دون تمييز وليس من المنطق ان يتم شيطنة مؤسسات مجتمع مدني تقوم بعمل مهم وفي نفس الهدف السامي.

 

ربما حان الوقت لتأكيد حق المستضعفين بالدفاع القانوني عنهم من خلال سن قوانين أو تعديل دستوري يعلو على أي محاولة انتقاص من حق أساسي في العدالة لكل مواطن مهما كان وضعه المالي رغم وجود تعديلات قانونية وممارسات نقابية تعمل في هذا الاتجاه ولكنها ليست كافية.

 

لقد جاء آخر تعديل لقانون أصول المحاكمات الجزائية بإلزام المحكمة بتعيين محامي للمتهم في الجنايات المعاقب عليها عشر سنوات او أكثر، وأعطاها سلطة جوازية بتعيين محامي للمتهم في الجنايات المعاقب عليها اقل من عشر سنوات بناء على طلب  المتهم بعد إرسال طلب للوزير ليتم تقديم المساعدة القانونية له بالتنسيق مع نقابة المحامين.

كما اعطى تعديل المادة 208 المحكمة سلطة جوازية إذا وجدت مسوغات لطلب المتهم بتعيين محامي له بالتنسيق مع نقابة المحامين.

 

يعطي قانون نقابة المحامين الاردنيين، في المادة 100 منه، الحق للنقابة بتقديم العون القانوني المجاني لمن “ثبت للنقيب فقره”، لكن على أرض الواقع لم يتم تقديم مساعدة قانونية لسد الحاجة الكبيرة الموجودة في المجتمع الأردني الذي يعاني من وضع اقتصادي صعب وتغول أصحاب الأموال والنفوذ على المواطن المسكين.

وهذه تطورات مهمة جدا، لكنها ما زالت غير كافية لحماية الحق في الدفاع عن العدد الأكبر من القضايا.

 

فرغم قيام النقابة العمل على توفير المساعدة القانونية للبعض إلا أن مجلس النقابة قرّر في نفس الوقت محاولة وقف عمل العديد من مؤسسات المجتمع المدني من المشاركة في يد العون القانوني ومن خلال محاميين مزاولين في النقابة ومن خلال حملات التوعية القانونية.

 

المطلوب من الجميع نقابة وحكومة ومجتمع مدني مد يد العون للضعفاء في مجتمعنا.

 

لقد قامت النقابة بخطوة مهمة وجريئة في المشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني المؤثرة في قرارها تقديم دراسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان التي ستعقد في شهر تشرين ثاني القادم في جنيف.

 

ولكن حتى تكتمل هذه الخطوة المباركة يجب سحب القضية المرفوعة على مراكز تقديم العون القانوني وإعادة التفكير في الموقف العدائي لها والعمل التشاركي مع كل مؤسسات المجتمع المدني الوطنية الصادقة في رغبتها في توفير العون القانوني. فالحق للوصول الى العدالة هدف سامي يتطلب تظافر جهود كافة مؤسسات الوطن دون تمييز او انتقاص.

 

يبقى السؤال المحير: ما سبب التحول لنقابة المحامين من هجوم على منظمات حقوق الإنسان التي تتهمها بانها تحمل أجندات غربية وممولة اجنبيا الى يشارك معها في العمل الوطني في جنيف وكيف يمكن تبرير التناقض الذي يشكله هذا القرار مع سلوك النقابة ضد نفس المؤسسات التي يشاركها في العمل الوطني في مجلس حقوق الإنسان.

 

 

فكما جاء على لسان أحد المحاميين للزميل وليد العدوان ممثل النقابة خلال الاجتماع التشاوري في اتحاد المرأة : ماذا سيكون جواب نقابة المحامين في جنيف على الشكوى التي قدمتها ضد مراكز المساعدة القانونية؟