تحفيز الاقتصاد يتطلب دعما منسقا

تحفيز الاقتصاد يتطلب دعما منسقا

قرارات الحكومة تهدف الى لجم عجز الموازنة والاقتراب من التوازن المالي، وتوصف هذه القرارات بأنها كمن يصفق بيد واحدة، فالحاجة تستدعي تدخلا مشتركا وتدخلا منسقا بين القطاعين الحكومي والخاص، لتحفيز الاقتصاد وتنشيط الطلب، باعتباره الطريق الانسب لمعالجة البطالة والفقر، وتشجيع الاستثمارات المحلية واستقطاب المزيد من الاستثمارات العربية والاجنبية دون الاساءة الى الاقتصاد المحلي أو الاخلال بالسيادة الوطنية، او خلق تشوهات اقتصادية اجتماعية صعب معالجتها.

الشهور القليلة الماضية كانت حافلة بإرهاصات حادة من رفع اسعار المحروقات وزيادة الكلف على المواطنين، وتخوض الحكومة هذه الايام ماراثون طويل يمتد لاربع سنوات لاعادة تسعير الطاقة الكهربائية بما يوصل الاقتصاد بقطاعاته الى الانتهاء من الدعم العيني بحيث لا تباع سلعة او خدمة بأقل من تكلفتها، اي الانتهاء من الدعم والوصول الى موازنة شفافة بعيدا عن التهويل والتهويم، اما بالنسبة للفقراء فان الموازنة السنوية تعالجه من خلال بند صريح وواضح هو بند المعونة الوطنية (من خلال صندوق المعونة الوطنية).

الغاء الدعم يعني بصورة اخرى تحرير الاقتصاد بشفافية وعدالة، ويفترض ان يؤدي الى خروج الحكومة من مرافق الانتاج والخدمات لصالح القطاع الخاص، واكتفاء الحكومات بلعب دور الرقابة والتنظيم لاضفاء العدالة وتكافؤ الفرص في الاقتصاد والمجتمع، وهذا التحرير يجب ان يطال كافة القطاعات في مقدمتها الطاقة، والقطاع المصرفي الذي يعتبر من القطاعات المحمية ويمارس نمطا احتكاريا يعرف بالاقتصاد بـ (الكارتيل الاحتكاري)، اذ يغلق القطاع امام استثمارات الاردنيين منذ ثلاثة عقود تقريبا، واتيح للبنوك العربية للتفرع في الاردن وفق ضوابط محددة.

اغلاق القطاع المصرفي امام الاردنيين يُسوق على انه محاولة حماية القطاع من الازمات والصدمات الاقليمية والعالمية، ويتناسى اصحاب القرار النقدي والمالي والاقتصادي ان الغالبية العظمي لحملة الاسهم في القطاع المصرفي المحلي من غير الاردنيين، اي ان القطاع المصرفي الاردني غير سيادي، وان عشرات المليارات من ودائع ادخارية للاردنيين يديرها غير الاردنيين، وهذا الوضع يعتبر شاذا بالمقارنة مع هياكل الملكية في البنوك والمصارف للغالبية العظمى من دول العالم.

قرارات الحكومة بالنسبة لرفع الاسعار بخاصة الطاقة وقبلها المحروقات وتقبلها المواطنين على مضض، يجب ان تراعي فتح القطاعات الاستثمارية بعدالة وشفافية، ولحين فتح السوق المصرفية كما بقية القطاعات الاخرى يفترض ان يؤثر صانع القرار النقدي في السياسات المصرفية لجهة تهدئة اسعار الفائدة على القروض والتسهيلات التي بلغت حد الاستهتار بحقوق المتعاملين بخاصة صغار المتعاملين، وتمكين المستثمرين من الحصول على التمويل الكافي وفق معايير منطقية بعيدا عن المبالغة في التمويل والاسعار، لاسيما وان الودائع لدى البنوك هي امول المواطنين والبنوك (حارس امين) عليها بما يخدم التنمية ...وان تحفيز الاقتصاد يتطلب دعما منسقا، وليس قرارات ترفع الاسعار، ويتحمل تبعاتها المواطنون.

الدستور

أضف تعليقك