بعد 100 يوم ... الحكومة في ميزان الشارع!

بعد 100 يوم ... الحكومة في ميزان الشارع!
الرابط المختصر

بعد 100 يوم مضت على تشكيل حكومة الخصاونة، يمكن ان نتساءل: ما الذي انجزته الحكومة؟ وما هي القرارات الجريئة التي اتخذتها؟ وما الاخطاء التي ارتكبتها؟ هل قطعت “الشوط” المنتظر في “مارثون” الاصلاح ام انها ظلت “مقيدة” اليدين بطيئة الخطى؟ هل طمأنت الشارع بخطاب جديد وافعال ملموسة ام انها ما تزال “تدور” في ذات الحلقة التي دارت فيها الحكومات التي سبقتها؟

حين عدت لقراءة نص البيان الوزاري الذي قدمته الحكومة لنيل ثقة البرلمان، لم اجد فيه اي جديد يختلف عن بيانات الحكومات السابقة، فهو يتحدث في ديباجته عن 5 ملاحظات تبدأ بالاعتراف “بثقل المسؤولية” وضرورة الشراكة مع مجلس النواب ثم بوعود انجاز منظومة التشريعات اللازمة للحياة السياسية واشاعة “العدل” بين ابناء المجتمع.. وصولا الى نية الحكومة بمكافحة الفساد والوقاية منه.

لا يمكن –اذن- ان نعتمد البيان الحكومي معيارا لتقييم الاداء، كما لا يمكن ايضا ان نقيس كفاءة “الحكومة” وجديتها على مجرد ما يصلنا من وعود وتصريحات او نوايا حسنة، المهم –هنا- هو ما “نراه” على الارض وما يحسه الناس ويستشعرونه ويقتنعون به.

للانصاف، يمكن ان نسجل للحكومة انفتاحها على “الاسلاميين” وحماس واستمراريتها في ممارسة “السياسة” الناعمة مع الحراك الشعبي، وفي “تسكين” الجبهة الداخلية واستيعاب بعض المطالب وفي “احالة” بعض التشريعات الى مجلس النواب وفتح باب ملفات “الفساد” الكبرى.

لكن هل يكفي ذلك؟ اعتقد ان الاجابة هي ما نسمعه في الشارع من مطالبات للتوقف عن “تقسيط” الاصلاح والخروج من دائرة “التلكؤ” والمماطلة في انجازه وهي اجابة لا تحتمل اللبس فالناس ما زالوا ينتظرون من الحكومة “والدولة عموما” اصلاحا بمقاييس جديدة تتناسب مع طموحاتهم ومع “الازمة” المعقدة التي كان رئيس الوزراء اشار اليها وتعهد في اول تصريحات له بانه “سيواجهها “ بشجاعة.

حتى –الآن- لم تتحقق هذه الشجاعة ولم تتحرك الحكومة كما يجب نحو شراكة حقيقية مع النواب الذين يحاولون “استعادة” ثقة الناس بهم ولا شراكة مع الشارع الذي اختزلته الحكومة في “الاسلاميين” فقط ولم تتحرك ايضا باتجاه ملفات ملغومة تحدث عنها الرئيس واهمها ملف الخصخصة الذي يشكل الامتحان الاخطر لها.

من المفارقات ان الاردنيين لم يسمعوا من رئيس الحكومة عبر وسائل اعلامهم المحلية اية “رسالة” تطمئنهم، فالرئيس لم يظهر في اية مقابلة اعلامية لشرح خططه وتوجهاته وفي مرات نادرة اكتفى “بالكلام” امام النواب او “بالحديث” لوسائل اعلامية خارجية.

من المفارقات ايضا ان الرئيس لم يعتبر حكومته حكومة انقاذ وطني وانما حكومة اصلاح فقط وعلى ارضية هذا الاصلاح بادر الى تصدير مواقف استباقية حول موضوع “الانتخابات البرلمانية” المبكرة معتبرا انها غير مطلوبة، وحول “النظام الانتخابي” الذي خرج من لجنة الحوار الوطني معتبرا انه “غير ملزم” وحول “الولاية العامة للحكومة” وهي الطلقة التي اثارت موجة من الردود والانشغالات مع مراكز قوى اخرى رغم انها لم تصل الى الهدف المطلوب.

كعادة الحكومات السابقة، كان سقف “التوقعات” من الحكومة مرتفعا لكنه بدأ بالانخفاض شيئا فشيئا واصبح المطلوب من الحكومة ليس انجاز الاصلاح وانما انجاز “تشريعاته” فقط وحتى هذه لم نرَ منها الا ما يتعلق بالهيئة المستقلة لادارة الانتخابات فيما لا تزال قوانين الانتخاب والاحزاب ومن اين لك هذا .. في “مدار” الانتظار.

نكتشف بعد “100” يوم على تشكيل الحكومة بان المشهد السياسي في بلادنا لم يتغير وبان الحكومة تبدو متعبة وبحاجة الى تعديل سريع وبان الشارع ما زال يخرج للمطالبة بالاصلاح وبأن “الاسلاميين” الذين تعاطفوا مع الحكومة وساندوها على وشك “مراجعة” مواقفهم وبان “الازمة” التي جاءت الحكومة لمواجهتها “تتناسل” وتتصاعد وبان “اليقين” السياسي الذي انتظرنا طلوع هلاله تحول الى دوائر من الشك والخوف التي القت بظلالها على الجميع.

الدستور