بعد شـهر على «احتجاجات تشـرين»: هل عاد الهدوء إلى الشارع؟

 بعد شـهر على «احتجاجات تشـرين»: هل عاد الهدوء إلى الشارع؟
الرابط المختصر

فاجأني احد المسؤولين قائلا: ألم أقل لك بان ما حدث قبل نحو شهر فيما سمي “باحتجاجات المحروقات” كان مجرد “ردود افعال غاضبة، او غيمة صيف سرعان ما انقشعت - والحمد لله -؟ وها أنت ترى ان كل شيء هدأ: الحراكات عادت الى سيرورتها الاولى ، وشعاراتها استقامت على طريقتها المثلى، والحركة الاسلامية استعادت رشدها، وهي الان مشغولة بنفسها، والناس فهموا الحقيقة، وابتلعوا “اسطوانة الغاز”.. نحن - يا رجل - كنا مطمئنين تماما الى مقرراتنا ونعرف ان ما حدث كان مجرد “عاصفة في فنجان” وسنبقى نراهن على “وعي” شعبنا الذي يقدر اضطرارات بلده السياسية والاقتصادية.

اضاف الرجل: لا احد يستطيع ان ينكر باننا انتصرنا في جولة الاصلاح، وبان الدولة تعاملت مع هذا الربيع العربي الذي داهمنا بمنتهى الفهم والاستيعاب والمسؤولية، وبان الذين كانوا يدفعون نحو الاصلاح على وصفتهم التي تمسكوا بها قد شعروا بالندم الان بعد ان “فاتهم القطار” الم يكن أفضل لهم لو التحقوا بالقطار وحجزوا لهم مقاعد في “الصناديق”.. وعلى ذكر الصناديق - أردف الرجل قائلا - ها نحن امام استحقاق الانتخابات، وهي ستجري في موعدها وستحظى بمشاركة واسعة.. الم اقل لك بان الهدوء الذي عاد كفيل بان ينتج انتخابات نزيهة ونظيفة تنقلنا الى عتبة الاصلاح.. وتخرجنا من “الربيع” الى الصيف الذي ننتظره جميعا.

حين دققت في كلام الرجل - وهو يتحدث بجدية ممزوجة بالاستعلاء وربما الشماتة من المعارضين - وجدت انه يستند الى فرضيتين احداهما تتعلق بهدوء الحراكات وخفوت صوتها بعد الاحتجاجات التي نظمتها الجبهة الوطنية للاصلاح، والاخرى تتعلق “بكمون” جماعة الاخوان وما تسرب عن بعض قياداتها من مبادرات وعروض سياسية للخروج بتوافقات ما، اخرها ما سمي “بالبرلمان المؤقت”، ثم ما جرى داخل الحركة من “سجالات” حول وثيقة “زمزم” ثم ما طرح من افكار حول اجراء اتصالات مع الاخوان “لتهدئة” المناخات السياسية تمهيدا لاجراء الانتخابات.. ومع الاحترام لصحة هاتين الفرضيتين، وما استنتجه المسؤول بعد ذلك من استشعار “بالخروج من الازمة” فان ثمة سؤالا لا يمكن ان نتجاوزه هنا وهو: هل نحن امام انفراج سياسي حقيقي يفتح الباب لانتهاء مرحلة “الشارع واحتجاجاته” وبداية مرحلة المصارحات والمحاسبات والمصالحات والانتقال - بعد ذلك - الى بناء مشروع الاصلاح بمشاركة الجميع، ام ان ما نراه مجرد هدوء، على السطح، او لحظة كمون عابرة، او “استراحة” بين شوطين، وبعدها سنتابع “المباراة” كما الفناها منذ عامين، لان نتيجتها لم تحسم بعد.

كنت - بالطبع - أتمنى لو ان ما قاله المسؤول صحيح، وباننا خرجنا فعلا من دوامة “الصراع على الاصلاح” الى شطآن “بناء الاصلاح” وبان استحقاق الانتخابات سيكون العتبة الاخيرة للعبور نحو الديمقراطية والحكومات البرلمانية.. وبان وجبات محاسبة الفاسدين قد اكتملت امام القضاء.. لكن هذا كله ما زال حلما ننتظره جميعا، ، والى ان يتحقق - باذن الله - فان الوقت امامنا ما زال مبكرا لكي نقول للمسؤول: أصبت، ونحن آسفون.

الدستور