برسم القلق من الأيام القادمة!

برسم القلق من الأيام القادمة!
الرابط المختصر

رفع أسعار الكهرباء كان اختباراً فاشلاً جداً لمعركة كسب الرأي العام، ليس فقط لعدم قابلية المزاج الشعبي لذلك، بل وحتى مسارعة أعضاء البرلمان إلى رفض هذه الخطوة، ما يعطي مؤشراً واضحاً على السيناريوهات الخطرة فيما لو قررت الحكومة المضي قدماً في برنامجها برفع الأسعار الأخرى!

على النقيض من الوعود الحكومية؛ بألا تمس هذه الإجراءات ذوي الدخل المحدود، فإنّ مجرد ارتفاع أسعار الكهرباء أدى فوراً إلى نذر ارتفاع أسعار سلع وخدمات أساسية، فكيف ستكون الحال إذا ما أقدمت الحكومة فعلاً في شهر نيسان القادم على تعويم أسعار المحروقات، وهي الخطوة التي تراجعت عنها في اللحظات الأخيرة الحكومات السابقة؟!

الحكومة تتسلّح اليوم بعبارة (سمعناها مراراً من حكومات سابقة) بـأنّها لا تطلب الشعبية على حساب القرارات الوطنية.

وهي صياغة خاطئة جداً في توصيف المشهد الراهن والتعامل معه! فالقصة ليست مرتبطة بالشعبية، بل بالمصداقية وبأربطة العلاقة المهترئة بين الدولة والمواطنين وفقدان الثقة، في ظل معاناة شديدة جراء الظروف الاقتصادية لدى شريحة عريضة من المواطنين.

المعضلة هي أنّ المناخ السياسي لا يتحسّن، ومشاعر الإحباط وخيبة الأمل والصراعات السياسية التي تغطس وراء ملف الفساد وتخلق حالة من الفوضى والتخبط؛ كل ذلك يضاعف من خطورة الشأن الاقتصادي وما يمكن أن يترتب على انفلات الأسعار وارتفاع الأصوات الاحتجاجية مع خطاب راديكالي، ومجموعات وصلت إلى خطاب عدمي، فإنّ مثل هذه اللحظة ستكون مثالية للتحريض والتعبئة.

في المقابل، لن يستطيع أحد أن يقف ليدافع عن قرارات الحكومة ومبرراتها، حتى من داخل الحكومة نفسها سيتهرب كثيرون من مواجهة الرأي العام!كانت توصية أغلب الخبراء والمحللين للحكومة، خلال الأيام الماضية، أنّنا إذا كنا مضطرين فعلاً لاتخاذ هذه القرارات الآن (وليس غداً- كما يؤكد مسؤولون كبار)، إنقاذاً للموازنة والاقتصاد الوطني، فإننا بحاجة إلى حزمة متكاملة مجدولة وواضحة، تبدأ من إعادة هيكلة السياسات الاقتصادية، مروراً بإصلاحات اقتصادية تراعي العدالة الاجتماعية، وصولاً إلى هذه القرارات، ويشترك في إقرارها وصياغتها مجموعة من الخبراء السياسيين والاقتصاديين، ومن الأوساط المؤيدة والمعارضة على السواء.

من دون قيام الحكومة بإجراءات احترازية سياسية تضمن خلالها وجود لوبي قوي سياسي وإعلامي واقتصادي يتوافق معها على الحزمة المطلوبة والإجراءات المقنعة للناس، فإنّ مثل هذه القرارات ستكون بمثابة مغامرة خطرة وغير مأمونة العواقب، ومن الأفضل أن تؤجل إلى نهاية العام لحين إجراء انتخابات ومجيء حكومة نيابية تجسر الفجوة مع الشارع، وتأخذ على عاتقها مثل هذه المواقف القاسية!

لو أخذنا حالة شبيهة بالأردن، كالمغرب، فقد نجح النظام في إلقاء الكرة الاقتصادية الملتهبة في حضن المعارضة، عندما عجّل إصلاحاته الدستورية والسياسية، وأجرى انتخابات نزيهة وشفافة، ثم ترك شأن تشكيل الحكومة للمعارضة الإسلامية، التي تتولّى هي اليوم التعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية، من دون أن يهدّد ذلك شرعية الدولة وعلاقتها بالمواطنين، إذ أصبحت اللعبة محصورة بين الحكومة والقوى السياسية في البرلمان!

بالطبع، هنالك اختلافات عديدة بين الأردن والمغرب، إلاّ أنّ التسريع في الإصلاح السياسي وعدم المماطلة والوصول بالبلاد إلى حكومة نيابية وبرلمان يعكس التمثيل الشعبي، مع إطلاق الحريات العامة، كل ذلك يمنح شرعية لأي قرارات تتخذها حكومة تأتي بنتائج سلبية على أوضاع الناس الاقتصادية، فمثل هذه القرارات تستدعي في دول العالم اليوم تشكيل لجان مشتركة من أحزاب الحكم والمعارضة لتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية في بلدان العالم الأول

span style=color: #ff0000;الغد/span

أضف تعليقك