انتهى الفك وبدأ التركيب
دمج والغاء المؤسسات .. قرارات صائبة لوقف الهدر والفوضى الادارية .
اعلنت الحكومة منذ ايام الوجبة الاولى من المؤسسات والهيئات التي شملها برنامج اعادة هيكلة المؤسسات والدوائر العامة الذي تبنته الحكومة وتضمن دمج والغاء العشرات من المؤسسات والهيئات والصناديق. وطال القرار الحكومي قطاعات مالية واقتصادية وخدمية واجتماعية وشبابية. وبموجب القرار تم دمج المؤسسات التي تتشابه مهماتها والغاء هيئات وصناديق لا مبرر لوجودها غير المزيد من الانفاق وتوحيد مؤسسات للعمل تحت مظلة واحدة مع المحافظة على الاختصاصات.
والى جانب ذلك تدرس الحكومة سلسلة من المقترحات التشريعية والتنظيمية لضبط عمل المؤسسات المستقلة والعامة وابرزها اخضاع تلك المؤسسات لنظام الخدمة المدنية ومراقبة عملية الاختيار والتعيين من طرف جهات الرقابة في الدولة.
تنفيذ الوجبة الاولى من القرارات يحتاج الى اطار زمني ولا يمكن انجازه بمجرد اتخاذ القرار, لكن اهمية القرار تكمن في ان الدولة امتلكت وللمرة الاولى الارادة لوقف مسلسل تفريخ المؤسسات المستقلة والانتقال فعليا من مرحلة التفكيك التي تثير قلقاً شعبياً واسعا الى مرحلة التركيب واعادة اللحمة لأجهزة الدولة.
لقد كانت الادارة الاردنية في العقد الاخير مما سمي زورا سياسات الاصلاح والتطوير وهي في الحقيقة لم تكن الا خطة لتدمير القطاع العام, وعندما تعذر تحقيق ذلك بشكل مباشر لجأ انصار المدرسة الليبرالية الى انشاء وتأسيس اجهزة موازية لمؤسسات القطاع العام تكون بديلا عنها في اتخاذ القرار. ونتيجة لهذا الوضع الشاذ نشأت عشرات الهيئات والمؤسسات المستقلة وتضخمت موازناتها الى مستويات خطيرة واصبحت تشكل عبئاً على خزينة الدولة ناهيك عن الفوضى والارتباك في دوائر اتخاذ القرار في مختلف القطاعات.
الحزمة الاولى من عمليات الدمج والالغاء طالت مؤسسات تصنف في الدرجة الثانية من حيث الاهمية وتبني سياسة الدمج عموما جاء لاعتبارات مالية بحث وفي اطار خطة الحكومة لضبط الانفاق والحد من العجز في الموازنة. ولا بأس في ذلك, لكن ينبغي التعامل مع هذا التوجه من الناحية السياسية وتبنيه كخيار استراتيجي لمراجعة اسلوب الدولة في ادارة المؤسسات واصلاح الادارة الاردنية بما لا يمس من دورها وهيبتها.
ولكي تأخذ العملية هذا الطابع, يتعين على الحكومة التقدم نحو الحزمة الثانية من عمليات الدمج والالغاء لتشمل العديد من الهيئات الموازية التي اصبحت في السنوات الاخيرة اكثر اهمية من الوزارات. فقد تحولت بعض الشركات والمؤسسات الى قلاع مغلقة على ما فيها من فساد وتجاوز على الدستور والقانون.
خطوة الحكومة الاولى في الاتجاه الصحيح وعليها ان تستكمل عملية الاصلاح وستجد المساندة من الجميع.
العرب اليوم