انتخابات 2013.. قراءة أولى

انتخابات 2013.. قراءة أولى
الرابط المختصر

لكل انتخابات مفاجآتها..حدث ذلك في إسرائيل أمس الأول، وتكرر في الأردن بالأمس.

المفاجأة الأبرز في الانتخابات النيابية الأردنية، تجلت في وصول الاقتراع العام إلى معدل يقارب الـ57 بالمائة..وهي نسبة تزيد بعشر نقاط، عن أكثر التقديرات تفاؤلاً التي سبقت يوم الاقتراع.

ولكي تستكمل المفاجأة عناصر إثارتها، فقد شهدت دوائر الكثافة السكانية للأردنيين من أصول فلسطينية ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الاقتراع راوحت ما بين 25 و 30 بالمائة في الانتخابات الفائتة، إلى ما يتراوح ما بين 30 و 40 بالمائة، وذلك بالرغم من مقاطعة قوى نافذة في هذه المناطق، للعملية الانتخابية.

في المقابل، سجّلت دوائر الكثافة العشائرية، تراجعاً بالقدر ذاته في معدلات الاقتراع، إذ انخفضت من معدلات طالما راوحت ما بين 75 و 85 المائة، إلى معدل راوح ما بين 65 و 75 بالمائة..وهذه ظواهر تستحق القراءة والتمحيص المتأملين.

حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم تكن النتائح النهائية للانتخابات قد صدرت بعد، لا سيما ما خص القوائم الوطنية منها، لكن التسريبات التي نشرتها المواقع والمصادر غير الرسمية، أشارت إلى حدوث جملة من المفاجآت والتبدلات في أوزان النخب والتيارات والشخصيات، وإن صحت هذه التسريبات، فقد نكون أمام مفاجأة من العيار الثقيل.

على مستوى الدوائر المحلية، لم تكن النتائج من النوع الذي ينبئ بتغيير جدي في تكوين المجلس، صحيح أن مرشحين “واعدين” قد أمكن لهم اختراق “حواجز التزوير” التي أعاقت وصولهم للبرلمان في مرات سابقة، وحجزوا لهم مواقع في البرلمان السابع عشر، وبأرقام مشرفة، تدفع على الاعتقاد، بأن أداءهم سيكون متميزاً في المجلس القادم، لكن الصحيح كذلك أن القليل ينتظر منهم في ظل غلبة “نواب الخدمات” على تكوين المجلس وصورته.

في الحديث عن العملية الانتخابية، أحسب أنها الأفضل منذ عقدين من الزمان، والسبب في ذلك يعد للدور المتميز الذي قامت به الهيئة المستقلة للانتخابات، ورئيسها النشط عبد الإله الخطيب..فقد تميزت العملية بكثير من الشفافية والنزاهة و”يُسر” الوصول إلى المعلومة، والتي لا تقلل من شأنها وأثرها، بعض الخروقات والتجاوزات (وأحياناً الفوضى) التي ميزت العملية الانتخابية في بعض الدوائر والمحافظات..وهذا إنجاز يتعين البناء عليه، لجهة تطوير الهيئة وتدعيم استقلاليتها ورفدها بالموارد البشرية والمادية التي تستحقها وتحتاجها.

أما وقد وضعت الانتخابات أوزارها، فإن أسوأ الخلاصات التي يمكن أن ينتهي إليها أفرقاء المعادلة الوطنية تتجلى في اثنتين: الأولى، أن ينظر الحكم والحكومة للإنتخابات والمجلس ومعدل الاقتراع المرتفع نسبياً، بوصفها نهاية المطاف، فتنام على حرير “تتويج مسار الإصلاح السياسي”، وكفى الله الأردنيين شر الإصلاح والتغيير.

أما الخلاصة الخطيرة الثانية، فتتجلى في إخفاق الحركة الإسلامية الأردنية في التمييز ما بين موقفها المشروع بالمقاطعة، واحتجاجها المبرر على قانون الانتخاب من جهة، واستمرار التشكيك “غير المنطقي” والمبالغ فيه، في سير العملية الانتخابية ومختلف جوانبها الإجرائية واللوجستية من جهة أخرى..فلم يكن منطقياً أبداً أن تقدم الجماعة أرقاماً لنسب الاقتراع، لا يصدقها أحد، ولا أن تكتفي بروايات عن “التزوير” و”التدخل” لم يشاهدها أحد، غير مراقبي الجماعة وراصيدها.

من حق المعارضة أن تقول أن المجلس المقبل ضعيف، و”فاقد لنصابه السياسي” وجزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل”..من حقها أن تنظر إليه كمجلس انتقالي، بل وأن تطالب بحله وتنظيم انتخابات مبكرة في أقرب وقت، وفقاً لقانون مغاير...من حقها أن تقول ما تشاء في إطار المواقف..لكن حين يتعلق الأمر بالمعلومات، فنحن وما يقرب من عشرة الآف صحفي ومراقب، ونصف هذا العدد من مندوبي القوائم والمرشحين، لم نشاهد ما يثبت اتهامات الجماعة.

الانتخابات التي تحدث لأول مرة، تحت إشراف هيئة مستقلة، وبنظام الصوتين، لا يمكن قراءة نتائجها بهذه العجالة، سيما وأن التأخير – غير المبرر – في إعلان النتائج، يُعقّد المهمة علينا نحن المراقبين والمحللين، ولنا عودة في أكثر من مقال لتناول الحدث الانتخابي من مختلف جوانبه.

الدستور