النواب والحكومة : صراع في الوقت الضائع!

النواب والحكومة : صراع في الوقت الضائع!
الرابط المختصر

هل يفكر النواب جدياً بحجب "الثقة" عن حكومة البخيت؟ اعتقد ان المسألة لا تتجاوز "التلويح" والتهديد ، واعتقد ايضاً ان "العين الحمرا" التي أشهرها بعض اعضاء المجلس في وجه الحكومة لا تعبر عن "ثورة" حقيقية من شأنها ان "تغير" قواعد اللعبة السياسية بين المجلس والاطراف الاخرى بقدر ما تعبر عن "فزعة" متأخرة لاستعادة الدور والتكفير عن "خطأ" ثقة (111) ، وتعويض الرصيد الشعبي الذي جرى سحبه منذ الايام الاولى لانعقاد المجلس.

لدى النواب - بالطبع - ملاحظات على الحكومة وتشكيلتها ، وعلى بيانها الوزاري الذي كان "متواضعاً" في طروحاته ، وعلى "بطئها" في عملية الاصلاح ، وربما ايضاً لدى بعضهم "حسابات" اخرى تجعلهم مصرين على "حجب الثقة" او منحها بالحد الادنى من الاصوات ، لكن الانحياز لهذا الخيار يعني "حل" مجلس النواب ، والدعوة الى انتخابات جديدة ، وهذا - بالتأكيد - ما لا يريده اخواننا النواب الذين لم يكملوا دورتهم الاولى بعد.

عملياً ، تبدو العلاقة بين الحكومة الجديدة ومجلس النواب "باردة" ، كما يبدو الصراع على "المكاسب" الشعبية واضحاً ومحتدماً ، فقد استعاد النواب انتزاع بعض ملفات "الفساد" التي احالتها الحكومة لهيئة مكافحة الفساد وشكلوا لجاناً لدراستها ، كما ان هاجس "حل" المجلس ، الذي جاء "بزلة لسان" حكومية وتكرر في احتجاجات الشارع ، أصبح "يضغط" باتجاه مواقف نيابية حذرة وحاسمة ، تخيف الحكومة من جهة وتستقطب الشارع وترضيه من جهة اخرى ، زد على ذلك ان تصريحات لرئيس الحكومة تعهد فيها بعدم اصدار قوانين مؤقتة قد فتحت المجال امام تفسيرات نيابية فهمت ذلك على اساس وجود "نية" مبيتة لدى الحكومة بحل المجلس ، سواء في اطار صفقة مع "الاخوان" او في اطار نقلة نوعية لتحقيق "الاصلاح السريع" من أوسع ابوابه وعناوينه وفي مقدمتها "البرلمان".

لا ادري اذا كانت "بروفة" استقالة حكومة طاهر المصري في عام 1991 يمكن ان تتكرر مع البخيت ، لكن اذا حصل ذلك ، فان "وصفة" التحول الديمقراطي يمكن ان تأخذ مساراً آخر ، فاستقالة الحكومة تحت تهديد النواب تدفع الى حل البرلمان ، وبالتالي يصبح الفضاء السياسي مفتوحاً لأي حكومة لكي تتحرك بسرعة في اتجاه تهيئة التربة السياسية لانتاج "حالة" جديدة تدفع قطار الاصلاح والتغيير للامام ، سواء فيما يتعلق باصدار قانون انتخاب جديد او اجراء انتخابات نزيهة او فتح ما يلزم من ملفات اصبحت تشكل "عبئاً" على الدولة في هذه المرحلة العاصفة بالمتغيرات.

اذا لم يحدث ذلك ، فان اعادة "ترسيم" العلاقة بين النواب والحكومة على قواعد دستورية يبدو أمراً ملحاً ، ذلك ان الطرفين لا يمكن ان يقوما بدورهما في ظل "لعبة" الصراع والمناكفة ، كما ان عامل الزمن لا يساعدهما في ممارسة الشد المتبادل على حساب ما يريده الناس ، خاصة وان ثقة الشارع بالنواب قد تراجعت كثيراً فيما لا تزال بالنسبة للحكومة في "مربع" الاختبار والانتظار.

لو سالتني: أي الخيارات أرجح؟ سأقول بأن المهم هو ان يكون لدينا رؤية وارادة للخروج من حالة "السجالات" والمناورات هذه لنصل بسرعة لمرحلة "التحول الديمقراطي" الحقيقي ، وان ندرك بأن علينا ان ندفع "ثمن" ذلك ، وقد يكون جزءاً من هذا الثمن حل مجلس النواب او اجراء تعديلات دستورية او غيرهما.. لكن - اكرر - المهم ان نتجاوز هذه "العواصف" التي اجتاحت بلادنا العربية بأقل ما يمكن من خسائر.. وبأفضل ما يمكن من انجازات.

الدستور