"الموازي" يجتاح القبول الجامعي التنافسي!
القرار الذي اتخذه مجلس التعليم العالي في جلسته الأخيرة والقاضي بالتوصية إلى الجامعات الرسمية بقبول ثلاثين بالمئة من الأعداد المنسّب فيها عن طريق البرامج الموازية، يوسع من شقة معاناة الطلبة الذين يتقدمون إليها عبر قائمة التنافس التي انحسرت كثيرا، اذا ما أخذنا في الاعتبار أن حوالي اربعين بالمئة من المقبولين هم على حساب المكرمات المعروفة، ما يعني أن سبعين بالمئة مرة واحدة من المقاعد الجامعية أصبحت خارج المعدلات التنافسية.
إقدام مجلس التعليم العالي على منح الجامعات الرسمية كل الحرية الاختيارية في القبول على البرامج الموازية يمثل خطورة حقيقية على الفرص الطبيعية لخريجي الثانوية العامة في أن يحصلوا على مقاعد مناسبة، تتناسب مع اعدادهم التي تزيد بالآلاف بين سنة وأخرى ومعدلاتهم المرتفعة التي تؤهلهم للدراسة ضمن البرنامج العادي ذي الرسوم المعقولة، وهذا ما يعزز من فكرة خصخصة ونخبوية التعليم الجامعي في الأردن، عوضا عن أن يكون متاحا لمن يستحق أن يدرس بجهوده المتفوقة على قائمة التنافس العادية.
يبدو أن ما لم يخطر على بال مجلس التعليم العالي أن تتمادى الجامعات الرسمية في اغتنام الفرصة المواتية التي أتاحها لها القرار بلا قيد أو شرط لكي تعالج أزمة مديونيتها التي لا ذنب للطلبة فيها، حيث إن ما أعلنته عن أعداد مخصصة للبرنامج الموازي بعد إعلان نتائج الفصل الشتوي قبل فترة وجيزة، بات يجتاح على نحو يثير التساؤل المقاعد الجامعية المخصصة للمعدلات التنافسية، حتى ان الاستثناءات سواء فيما يتعلق بالمكرمات أو النظام الموازي أصبحت هي الأصل في حين أن القبول التنافسي الاعتيادي أصبح ضيقا إلى أبعد الحدود أمام المؤهلين له بعد ان أصبحت أعدادهم هامشية تماما ومقتصرة ربما على من يحصلون على معدل تسعين بالمئة فما أعلى.
لنستعرض الأعداد التي أعلنت عنها الجامعات الرسمية التي تؤكد هذه الحقيقة المُرة ومدى استغلالها المكشوف لقرار مجلس التعليم العالي، فجامعة العلوم والتكنولوجيا نسبت بقبول 190 طالبا ضمن البرنامج العادي مقابل 525 للموازي وفي الاردنية مع فرع العقبة 1230 للعادي و 1470 للموازي واليرموك 250 للعادي و 890 للموازي والهاشمية 1645 للعادي مقابل 1080 للموازي، حتى الجامعات الاخرى حذت حذو ما سبقها فآل البيت خصصت 1645 للعادي و 590 للموازي ومؤتة 1880 للعادي و 1270 للموازي والبلقاء التطبيقية 990 للعادي مقابل 590 للموازي والطفيلة التقنية 1000 للعادي وخمسمئة للموازي والحسين بن طلال 1520 للعادي قياسا على 1193 للموازي!
من غير المعروف إذا ما كان مجلس التعليم العالي يدرك حجم المغالاة التي ستمارسها الجامعات الرسمية من وراء قراره الذي يفترض أن تتم مراجعته على ضوء مثل هذه المستجدات، خاصة وأنه ربما يكون قد أقدم على تنازل عن واجباته وصلاحياته بموجب قانون التعليم العالي لصالح الجامعات، لان نص الفقرة من المادة السادسة منه تؤكد أن هذا المجلس هو الذي يقوم بوضع الاسس العامة المتعلقة بقبول الطلبة الجامعيين وتحديد اعدادهم سنويا في حقول التخصص المختلفة وفق معايير الاعتماد.. فهل تخلى عن حقه القانوني فعلا هذا ما يحتاج الى تفسر منطقي.
العرب اليوم