الملك وفلسطين

 الملك وفلسطين
الرابط المختصر

 

"زيارة عظيمة". هذا هو الوصف الذي أعطاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس للزيارة غير المتوقعة التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى مقر السلطة الفلسطينية في رام الله. كانت زيارة الملك يوم الاثنين أول زيارة لفلسطين خلال عقد. ولم يزر الملك أو يلتق مع أي مسؤول اسرائيلي.

ليس أن الملك وعباس لا يريان بعضهما البعض؛ ففي كل مرة تقريباً يغادر فيها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية رام الله للسفر إلى الخارج يتوقف لزيارة "شقيقه" الملك عبد الله. ومع ذلك، فإن ما يجعل هذه الزيارة الخاصة مهمة هو طابعها العلني. أراد الملك أن يلاحظ الجميع، وخصوصا الإسرائيليون، هذه الزيارة ورسالة التضامن وراءها.

لقد تحسنت العلاقات الفلسطينية الأردنية إلى حد كبير على مدى السنوات الماضية، ويعود ذلك جزئيا إلى الحقيقة أن إسرائيل قد أغلقت كل الحدود أمام الفلسطينيين باستثناء جسر الملك حسين نحو الأردن. رحب الفلسطينيون ترحيبا حارا بالزيارة التي حظيت بتغطية مباشرة على تلفزيون فلسطين، كما كانت القصة الرئيسية في الصحف اليومية الثلاث والاذاعات والمواقع الإلكترونية.

العلاقة الأردنية الحمساوية كانت مركز اهتمام تعليقات كثيرة بعد زيارة الملك عبد الله. وقد أوضح المعلقون أن العاهل الأردني يريد طمأنة نظيره الفلسطيني أن أي تقارب أردني حمساوي لن يكون على حساب اعتراف الأردن والعرب بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

لا يمكن التقليل من أهمية توقيت هذه الزيارة. فهي جاءت قبل أيام من لقاء قمة حاسم بين عباس وقائد حماس، خالد مشعل، وقبل زيارة رئيس حماس المرتقبة إلى الأردن. لا بد أن العلاقات بين الانظمة العربية المعتدلة والإخوان المسلمين كانت هي أيضا على جدول الأعمال إذ لا يمكن تجاهل صعود الإسلاميين الوسطيين في ما بعد الثورة في كثير من البلدان.

إن الإنتصارات في الانتخابات الأخيرة في تونس وطبيعة السلطة الجديدة في ليبيا، فضلا عن القوى الإسلامية القيادية في مصر وسوريا، هذه كلها تجعل من المستحيل تجاهل هذه الجماعات التي اعتادت أن تكون غير قانونية في كثير من البلدان العربية. فحتى الحكومة الاميركية اختارت التقارب مع الإخوان المسلمين. كما صدرت كلمات رقيقة باتجاه الاسلاميين لقائد في الحزب الجمهوري الامريكي، السناتور جون ماكين، ليصبح من الواضح أن هناك واقعاً سياسياً جديداً يتكون في المنطقة.

انتقد العاهل الاردني الاسرائيليين لسياساتهم التوسعية ولعدم الرد على دعوة الفلسطينيين السلمية. ولكن إذا قرأ أحد بين السطور في التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية ناصر جودة، يمكنه أن يرى أن الملك أعطى بعض النصائح للفلسطينيين بشأن موقفهم التفاوضي مع إسرائيل.

للعودة الى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل هناك شرطان فلسطينيان وهما تجميد تام لكل الأنشطة الاستيطانية في جميع الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وأن تستند المفاوضات على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والاعتراف بحدود عام 1967.

يعتقد الفلسطينيون أن هذين الشرطين يتماشيان مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية، ويندرجان ضمن السياسات المصرح بها علناً من قبل أهم جميع القوى الكبرى، بما في ذلك الحليف الأكبر لاسرائيل ألا وهو الولايات المتحدة.

سوف تواصل الاستراتيجية السياسية الفلسطينية السعي نحو الاعتراف بدولة كاملة في الأمم المتحدة بينما تسعى نحو حوار لتحقيق الوحدة الوطنية مع حماس. تمت إزالة عقبة رئيسية في هذا الاتجاه عندما صرّح رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض علنا ً ​​بأنه سيكون سعيداً للتنحي إذا ما تم إيجاد شخص يمكن أن يتفق عليه جميع الأطراف. لم يتم حتى الآن العثور على هذا الشخص وفي هذا المضمار اقترح بعض المحللين تولي محمود عباس نفسه منصب رئيس الوزراء وتعيين نائباً للضفة الغربية وآخر لغزة كخطوة مؤقتة، حتى يتم إجراء الانتخابات والتي ستقرر شكل وطبيعة الحكومة القادمة.

إن زيارة الملك عبد الله لفلسطين قد حققت هدفها الأولي ألا وهو رفع معنوية الفلسطينيين، ومن بينهم عباس الذي تعرض لنكسة في الأمم المتحدة بسبب قطع الكونغرس الأميركي التمويل وحجز إسرائيل الأموال الفلسطينية وتبادل الأسرى الذي لم يتضمن قادة منظمة التحرير الفلسطينية المسجونين.

يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الزيارة ستكون كافية للتعويض عن كل ذلك أو إن كانت توجد هناك حاجة لقادة دوليين وعرب آخرين ليتقدموا ويدعموا القيادة الفلسطينية المستعدة للقتال.

 

أضف تعليقك