المعلومة والحصول عليها .. بين حجْب وإفْصاح !

المعلومة والحصول عليها .. بين حجْب وإفْصاح !
الرابط المختصر

المعرفة قوة .. وما أحوجنا الى تجميع قوانا المبعثرة عبر النفاذ للمعلومات في كافة المجالات لتجييرها في حل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية علاوة على الاستفادة منها  في  مجالات البحث العلمي  لتحقيق التنمية المستدامة  عنوان النهضة والتقدم   ..

 ما  دعاني  لكتابة هذه المقالة  سببان :أولهما النقد العارم الذي وجهته لنا كل من الولايات المتحدة  وبريطانيا والمانيا وفرنسا وهولندا والسويد  وغيرها من الدول الديمقراطية  في جنيف  لتراجع حالة الحريات في الأردن - وفق وجهة نظرهم -

واما السبب الثاني  فيعود لقرب  انعقاد    «قمة الحكومات المفتوحة» في العاصمة البريطانية لندن وذلك في القريب العاجل  ، حيث سيشارك الأردن بهذه المبادرة  وهو الدولة العربية الوحيدة المشاركة ان لم يكن أول دولة عربية ..

فهكذا خطوة هي  بمثابة مفخرة لنا  ولكنها تتطلب مزيدا من الجهد والعمل  لتطوير آليات الحصول على المعلومة ، كما اكّد الأستاذ عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات اثناء مشاركتنا مؤخرا  في  أعمال» مؤتمر الحكومة المفتوحة واليات الحصول على المعلومات « باعتبار أن  هذا الحق الأصيل  هو من صميم حقوق الإنسان  ضمنته المواثيق والاتفاقات الدولية وجرت دسترته في العديد من الدول والمجتمعات ..

فبين ما أمطرونا في» جنيف» بوابل من الاتهامات بسب تقرير حالة حقوق الانسان المتراجعة ، وبين مشاركتنا كاول دولة عربية في «قمة الحكومات المفتوحة» تظهر بارقة امل تبشّر  بأننا نسير على الدرب الصحيح  بغض النظر عن وجود بعض المطبات والعثرات المعيقة لنا بين الحين والآخر ..

 فحق الحصول على المعلومة عندنا في الأردن  يفتح لنا الأبواب للاطلاع على آلاف  التقاريروالملفات  الحكومية التي يمكن الاطلاع عليها في مواقع المكتبة الوطنية  وغيرها من المواقع الحكومية المفتوحة للمواطنين كافة ، إلا ان المواطن يطمح للمزيد وهذا حقه .. علما بان دولا مثل بريطانيا  وغيرها لا تفصح الا عن ما نسبته  47 % من  المعلومات المطلوبة ..

 فالتكتم والحجب وعدم الافصاح  غير مقتصر علينا فهو موجود في كل بلاد العالم ولكن بنسبة وتناسب ..

فكما هو معروف ان حق  الحصول على المعلومة يعتبر شرطا مسبقا لممارسة مجموعة من الحقوق  مثل حرية التعبير وحرية الاعلام والنشر   وغيرها من الحقوق والحريات مما يقوّي من أداة محاربة الفساد ويعزّز من روح المواطنة والمشاركة في صنع القرار  على طريق التنمية والتقدم   ..

 ولكن حق الحصول على المعلومة يتقاطع مع حقوق أخرى  كالحق  في حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة للافراد  وأمن الدولة والدفاع الوطني  .. الخ من الحقوق المنصوص عليها بالقانون مما يخلق نوعا من التناقض وشد  القوى العكسي  بين  قانون ينظّم وآخر يقيّد في ظل حق يطالب  بالحصول على المعلومة من جهة  وبنية تحتية لهذا الحق  تتطلب  الأمن والاستقرار والأمان  بخاصة بعد هبّات  الربيع العربي من جهة أخرى ..

ونتيجة لهذين الاتجاهين قد  يتقلّب القانون  بين تنظيم وتقييد  وفق المعطيات لعدم وضوح في المعايير  عند  الرجوع اليها بين الحين والآخر للموازنة بين شقي معادلة  الالتزام  بالحق والواجب    ، وهذه الموازنة  مطلوبة من القطاع العام  والخاص والمجتمع المدني . فالالتزام بالواجب يتساوى تماما  مع المطالبة بالحق .. ولهذا ما أحوجنا  في ظل هذه المعطيات الى توليفة تنظِّم ولا تقيّد  ،تُلزِِم ولا تُجْبِِر،  تنصف ولا تغبن !

 كلا إنها ليست بتوليفة مستحيلة ، بل  يمكن الحصول عليها من خلال فتح سبل الحوار  إما لإجراء تعديل او سحب مشروع القانون المعدل لقانون 2007 على الذي هو بحوزة مجلس النواب  من خلال مرجع قانوني متوافق عليه من اجل ضبط وتنظيم هذا الحق  ، وبخاصة  في مجال التطبيق  ومعالجة القيود الواردة فيه عبر ممارسة  روح المسؤولية والمواطَنة الملزِِمة..

وأخيرا ان فعلنا ذلك فلسوف ننجح باتخاذ التدابير للنهوض بهذا القانون  والسهر على تفعيله وفق أحسن صورة ممكنة بدلا من  التذبذب بين «حجْب «المعلومة تارة و «الإفصاح» عنها تارة أخرى  !

الرأي

أضف تعليقك