المشروع النووي الأردني

المشروع النووي الأردني
الرابط المختصر

تم الإعلان أمس عن اختيار شركة (روس أتوم) الروسية للقيام بإنشاء أول محطة نووية في الأردن في منطقة «عمرة» التي تبعد (60)كم جنوب شرق خربة السمراء، بكلفة تقدر بسبعة مليارات دينار، وستبدأ المفاوضات الأسبوع المقبل تمهيداً لتوقيع الاتفاقية.

موضوع إنشاء المشروع النووي كان محل جدل كبير بين الخبراء والمختصين في مجال الطاقة في الاردن، ومثار جدل أكبر بين المواطنين بشكل عام، حيث أن هذا المشروع يشكل مصدر قلق وتوتر شديد للشعب الأردني، لأسباب مبرّرة ومشروعة كثيرة ومتعددة؛ بعضها يعود إلى مخاطر التلوث المحتمل، قياساً على ما حدث في كثير من الدول النووية؛ مثل كارثة «تشيرنوبل» في أوكرانيا التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي، والتي ألحقت ضرراً كبيراً بالإنسان والحيوان والمزروعات والثمار والتراب والماء والهواء، وحديثاً تمت كارثة مشابهة في اليابان حيث ألحقت الفياضانات أضراراً بمفاعل «فوكوشيما» الذي ما زالت آثاره تشكل خطراً يهدد حياة الشعب الياباني والشعوب المجاورة.

تكمن المشكلة الجوهرية لدى الأردنيين بالخوف والذعر الذي يتملكهم، عندما يرون أن اليابان التي تحظى بتقدم كبير، وتمتلك إمكانات ذات تقنية عالية، ولديها قدرات متميزة، تكاد تسبق الدول الغربية المتقدمة وتتفوق عليها، ومع ذلك وجدت صعوبة بالغة في وقف آثار الكارثة الخطرة، ولم تستطع الحيلولة دون احتمال تسرب الإشعاعات النووية من المحطة المتضررة، ما يثير الاستهجان والاستغراب والسخرية لدى الأردنيين فيما لو حصلت هذه الكارثة عندنا، فلن يستطيع أحد أن يزعم أن هذا الاحتمال بعيد أو غير متوقع، ولن يستطيع أحد أن يزعم مهما أوتي من علم وبلاغة وقوة منطق، أن يقنع الشعب الأردني بأننا نملك 1% من إمكانيات اليابان! التي أصبحت تفكر بالتخلص من الطاقة النووية، كما فعلت ألمانيا الأكثر تحضراً وتقدماً وعراقة؛ حيث اتخذت قراراً  بالتخلص من كل مفاعلاتها النووية بحلول العام (2025م)، والذهاب إلى مصادر الطاقة المتجددة.

إذا كان الهدف الوحيد لدى الأردن ينحصر بالحصول على مصادر أخرى للطاقة غير النفط والغاز حيث أصبحت كلفتها عالية، ومرهقة للموازنة، فهذا يجعلنا نطرح سؤالاً كبيراً ومشروعاً: لماذا لا ننفق المليارات السبع على مصادر الطاقة المتجددة، وهناك شركات عالمية مستعدة للإسهام والتعاون مع الأردن في تقديم هذه التقنية الصديقة للبيئة، التي تحمي الأردن وتحمي الإنسان والحيوان والماء والهواء والتراب من تلوث خطير محتمل، لن تزول آثاره عبر مئات السنوات!!.

الشعب الأردني لا يشعر بالطمأنينة نتيجة إصرار بعض المسؤولين على المضي قدماً في إنشاء المحطة النووية التي تحتاج إلى أموال طائلة وتقنية عالية، وخبرات متطورة ليست متوافرة! وضمانات صارمة نعجز عن امتلاكها! وإلى مياه كثيرة تفتقر إليها الأردن حيث تشهد فقراً شديداً في المياه، ولا تستطيع توفير مياه الشرب للمواطنين ، في ظل تزايد الطلب وتزايد السكان وتزايد أعداد المهاجرين والوافدين، بينما نلحظ تباطؤا واضحاً في الشروع في إنجاز مشاريع جديّة لمصادر الطاقة المتجددة، حيث ما زلنا نسمع بأن هناك مخططات في هذا المجال منذ عشرات السنوات، لم تخرج إلى حيّز التنفيذ والإنجاز.

الدستور

أضف تعليقك