المشاجرات النيابية

المشاجرات النيابية
الرابط المختصر

النقاشات النيابية التي تجري تحت قبة البرلمان، لا تثير اهتماما واسعا، مع أنها في كثير من الأحيان تتعلق بتشريعات مهمة، أو بقضايا عامة تشغل بال المواطنين.

وقد يكون سبب ذلك قناعة كثيرين بأن مجلس النواب غير قادر على القيام بمهامه المنصوص عليها في الدستور، وأنه لا يستطيع فرض توجهات معينة على الحكومة؛ بل وليس هذا فقط، وإنما الحكومة هي التي تسير المجلس بالاتجاهات التي تريد.

فبالنسبة للمواطن، مهما علا صوت النواب، فإنهم سيقرون في النهاية ما تريده الحكومة، وخصوصا في القضايا المعيشية والحياتية والسياسية المهمة.ولذلك، نجد غالبية المواطنين لا يلتفتون كثيرا إلى النقاشات النيابية التي تدور تحت القبة، ولا ينشغلون بها.

وهذه تقريبا هي القاعدة العامة؛ ولكن في بعض الأحيان تتغير الأمور.

فمشاجرة واحدة تحت القبة تشد انتباه الناس، ويحاولون تتبعها، ومعرفة أبطالها، والبحث عن تفاصيلها.

وفي حال وُجد فيديو أو صور للمشاجرة، فإن الموقع الإلكتروني الذي يبثه أو يبثها، يشهد كثافة زوار غير مسبوقة، للاطلاع على تفاصيل المشاجرة.

كما أن التعليقات عليها كثيرة، وساخرة.يبدو أن المشاجرات النيابية، على عكس النقاشات، تعيد لمجلس النواب البريق الذي فقده.

وكأن الناس في متابعة تفاصيل المشاجرة، والحديث المتواصل عنها، يريدون إيصال رسالة، بأن مجلس النواب الحالي، مثله مثل الذي سبقه من مجالس نيابية، آخر اهتماماته المواطن، وما يشغل بال الكثير من أعضائه هو الخلافات والتباينات بينهم، والتي لاعلاقة لها بقضايا  المواطنين، وحياتهم، واهتماماتهم.

ومن المؤكد أن ما شهده المجلس من نقاشات خلال جلسات الثقة، ومن ثم منح الثقة للحكومة، وخصوصا من قبل بعض أشد منتقديها، قد أفقد المواطن ثقته بالنواب، وأصبح يشعر أن ما يحدث تحت القبة ما هو إلا مشاهد مسرحية، أو مقاطع من أفلام؛ منها ما يستحق المشاهدة، ليس لقيمتها، وإنما لكونها مسلية، وفي بعض الأحيان مضحكة رغم مأساويتها، ففيها إثارة "آكشن" مثل المشاجرات والطوش، والتي تستخدم فيها كاسات المياه والأوراق، وكذلك اللكمات، والضرب، والصفعات، والشتائم، والإهانات.

نعم، ما قاله رئيس مجلس النواب، سعد هايل السرور، أول من أمس، بُعيد المشاجرة التي وقعت بين النائبين يحيى السعود ومعتز أبو رمان، صحيح؛ فهذه المشاجرات والمشاحنات تسيء للمجلس ودوره، وتضعف هيبته، وتقلل من احترامه لدى الأوساط الشعبية.

إن هذا الواقع المرير يفرض على المجلس العمل من أجل كسب ثقة المواطن.

وهذا الأمر لا يتم بسهولة، بل من خلال المواقف الصلبة التي تنتصر لقضايا الوطن والمواطن، ومن خلال قيام المجلس بدوره التشريعي والرقابي على أكمل وجه.

ولكن، في حال استمر الوضع على حاله، فإن صورة المجلس العاجز، غير القادر على عمل أي شيء إيجابي، والمنشغل بالخلافات والمشاجرات بين أعضائه، هي الصورة التي سترسخ في ذهن المواطن.

الغد

أضف تعليقك