المسافة بين شعارات (الحسيني) وخطاب الحكومة

المسافة بين شعارات (الحسيني) وخطاب الحكومة
الرابط المختصر

الدعوة الى اصلاح دستوري القاسم المشترك بين الاسلاميين واليساريين .

مرت مسيرة "الحسيني" امس بسلام, المئات من رجال الأمن كانوا حاضرين تحسبا لأي طارئ. في مسرح الحدث لم يظهر "بلطجية" كما كان الحال يوم الجمعة الماضي. فيما حضرت اعداد غفيرة للمشاركة في المسيرة تفوق اعداد المشاركين في المرة الماضية. كرد فعل على ما وقع من اعتداءات بحق ناشطين سياسيين واعلاميين.

وعلى أسطح المباني القريبة من المسيرة تواجد العشرات من الاعلاميين, وفي كل زاوية نصبت كاميرا تلفزيونية, ووسط المتظاهرين يتجول العشرات من المصورين الصحافيين. كان واضحا ان هذه المسيرة تحظى باهتمام استثنائي من الاعلام, ومرد ذلك القلق من احتمال وقوع مصادمات, لعبت وسائل الاعلام في حالات سابقة دورا مهما في توثيقها.

لونان سياسيان كانا حاضرين في المسيرة: الاسلاميون من جهة واليساريون والقوميون من جهة اخرى, وباستثناء هتافات "التكبير" التي تميز فعاليات الحركة الاسلامية, فان شعارات ويافطات الطرفين الحليفين كانت متشابهة, وتتمحور كلها, على عنوان عريض هو "الاصلاح". اما الجديد والبارز في مطالب الاصلاح فهو المتعلق بالدستور الذي بدا وكأنه القاسم المشترك بين الاسلاميين واليساريين وهؤلاء كانوا يهتفون بحرارة لدستور ,52 اما الاسلاميون فقد رفعوا شعارا أسمعه للمرة الاولى وهو "الشعب يريد اصلاح النظام" ويقصدون به على ما اعتقد "الملكية الدستورية" التي تتصدر اليوم قائمة مطالبهم.

لكن وسط غابة اليافطات والشعارات كان الهتاف الذي يثير حماسة المتظاهرين اكثر من غيره هو: "الشعب يريد حل البرلمان", الجميع كانوا يرددونه بقوة رافعين قبضاتهم في السماء كتعبير عن تأييدهم.

ومع ذلك فان الهوة ليست كبيرة بين شعارات الشارع وخطاب الدولة, ثمة قواسم مشتركة يمكن ان تشكل اساسا قويا لحوار فعال ومنتج, ليس مطروحا من طرف الدولة او الحكومة بعد الحوار حول تعديلات الدستور, وان كان "الفيتو" زال عن الموضوع من حيث المبدأ, لكن قضايا مثل تعديل قانون الانتخابات والقوانين الاخرى الناظمة للحياة الحزبية والحريات العامة هي اليوم برنامج معتمد من طرف الحكومة الى جانب قضايا اخرى لا تقل اهمية مثل انشاء نقابة للمعلمين ومحاربة الفساد. لا بل ان المطالبة "بحكومة برلمانية منتخبة" له ما يقابله في الخطاب الرسمي من دعوة الى تطوير الحياة الحزبية بما يضمن تحقيق هذا التطور عبر الآلية البرلمانية.

لا شك ان الثورات العربية التي حصلت وتحصل في اكثر من بلد تمد المسيرات في الاردن بطاقة كبيرة ويتبدى ذلك في الهتافات المؤيدة لثورة الليبيين ضد القذافي وانتصارات الشعبين التونسي والمصري. ويشعر المرء بأن هناك روحا ثورية جارفة تدفع بالالاف الى النزول الى الشارع بغض النظر عما تتبناه الحكومات من برامج واصلاحات.

وذلك يتطلب من مؤسسات الدولة ادارة سياسية حكيمة واستعدادا اكبر لاستيعاب حركة الشارع ومطالبه, وادارة سلسلة من الحوارات المركبة احيانا للوصول الى مقاربات مشتركة, بخلاف ذلك فان الفجوة ستتسع لدرجة يصعب معها التحكم بسقف الشعارات وردود الفعل عليها.

العرب اليوم

أضف تعليقك