المراجعة الثانية للصندوق

 المراجعة الثانية للصندوق

قرار منح الدفعة الثانية لتسهيلات صندوق النقد الدولي البالغة 384.5 مليون دولار للاردن، لم يستغرق نقاشه من قبل المجلس التنفيذي للمؤسسة المالية الدولية سوى 20 دقيقة فقط، وهذا يدلل بوضوح على قبولهم لما تم انجازه على الصعيد الداخلي للاقتصاد الوطني.

الصندوق ابدى مرونة كبيرة مع الاردن في التعاطي مع انفاق زائد عن المخصص في موازنة 2013 بسبب تداعيات الازمة السورية، والمرونة تسمح للحكومة بانفاق جديد بقيمة لا تتجاوز ال 200 مليون دولار، بسبب تداعيات الازمة السورية وتاثيراتها السلبية على الاداء العام للاقتصاد.

واضح ان الصندوق غير راض عن مديونية قطاع الكهرباء، والسبب هو تاخر الحكومة في تعديل التعرفة كما كان متفقا في الاتفاق المبرم بينهما العام الماضي، لكن الصندوق بدا يتفهم الحالة الاردنية بشكل اكثر مرونة، حيث وافق ضمنيا على تاجيل قضية رفع اسعار الكهرباء لبعض الوقت، خاصة ان عودة تدفق الغاز المصري للمملكة قللت من الخسائر التي كانت تتكبدها الخزينة بشكل يومي، لكن ذلك لا يمنع في تعديل اسعار الكهرباء عندما تنجز الحكومة منظومة متكاملة لحزمة الامان الاجتماعي لامتصاص اية تداعيات سلبية للقرار.

الصندوق انتقد الحكومة في عدم قدرتها على رفع احتياطات المملكة من العملات الصعبة الى مستوى اكبر مما هو موجود عليه الان رغم ان الاخير زاد من 6.2 مليار دولار الى اكثر من 7.2 مليار دولار في الفترة الاخيرة خاصة مع قيام المركزي برفع اسعار الفائدة.

لكن كما هو معروف فان السبب الرئيسي في زيادة الاحتياطات يعود تحديدا الى المنح الخليجية الثلاث التي دخلت خزينة البنك المركز ي من السعودية والكويت والامارات بقيمة 1.25 مليار دولار، لذلك فان على الحكومة ان تعمل جاهدة لبناء منظومة احتياطات تاتي من تدفق ايرادات السياحة والاستثمارات والحوالات.

الصندوق ابدى دعمه لقيام الحكومة بتقديم دعم نقدي جراء رفع اسعار المحروقات الذي تم نهاية العام الماضي، وهذا يشكل دافعا للجهات الرسمية في تطوير اليات الدعم لتصل الى اكبر شريحة من المجتمع وفق اساس الاستحقاق الحقيقي لمستحقي الدعم.

التحدي الاكبر امام الحكومة وفق مراجعة الصندوق الثانية لاداء الاقتصاد الوطني تتمثل في قدرة الحكومة على تحسين التحصيلات الضريبية وتدفقها بانسياب للخزينة، وهو امر يشكل تحديا كبيرا لاي راسم للسياسة الاقتصادية.

الاجواء غير المستقرة في المنطقة وتصاعد اعمال العنف، وما يسببه ذلك من جمود في التدفقات السياحية والاستثمارية يلقي بظلال قاتمة على اداء القطاعات الاقتصادية الداخلية، ويعزز من حالة عدم اليقين لدى المستهلك، مما يقلل الانفاق الخاص، وبالتالي ينعكس ذلك سلبا على مجمل الايرادات، وهو امر يتطلب من الحكومة ايجاد الخطط لتحفيز الاقتصاد وزيادة ثقة المستهلك.

الاردن نجح نسبيا في المراجعة الثانية لاقتصاده الذي تحيطه التحديات من كل جانب، وتعصف بامنه واستقراره، لذلك من المفترض ان ينتبه اعضاء مجلس النواب لما تحقق، وان يبداو فعليا في وضع تصورات مشتركة مع الحكومة لتحفيز الاقتصاد واعداد برنامج عمل مشترك.

الراي

أضف تعليقك