الغلاء يتسلل الى جيوب المواطنين

الغلاء يتسلل الى جيوب المواطنين

بمرارة في الحلق يقترب الاردنيون من نهاية 2012 الذي يوصف بانه عام الغلاء، وبتوجس يستقبلون العام 2013 دونما بارقة امل بان الامور اقتصاديا تسير نحو الانفراج، وسياسيا يلفها الضباب ونحن نقترب من الانتخابات البرلمانية وسط مطالبات بالمقاطعة ومطالبات اخرى بالمضي قدما بالرغم مما يجري حولنا من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب، ويؤكد العقلاء ان الاردن الذي يتمتع بالامن والامان وبالكاد يستطيع تدبير امور معيشته قادر على السير للافلات من تداعيات ما يسمى بـ «الربيع العربي» الذي يتحول الى تسونامي سياسي عسكري اجتماعي في عدد من العواصم العربية، فالاردن الذي مر بازمات عديدة خلال العقود التسعة الماضية قادر على تجاوز الازمة الراهنة بالرغم من قسوتها وشدتها على المواطنين في كافة المحافظات.

لقمة العيش الكريم كانت الشرارة الاولى لثورات شعوب عربية والمحرك الرئيس لها ثم ما لبثت ان تطورت الى مطالبات واسعة تم رفع سقفها حتى طالت نظما كانت توصف بانها قوية آمنة بدءا من نظام العابدين الى نظام مبارك، ولم تستثن ثورات الشعوب نظام العقيد القذافي الذي لاقى مصيرا اسود، ولم تمهل نظام صالح اذ غادر بعد ان حرقت اصابعه، اما سوريا الجريحة ما زالت تنزف وسط تدخل عربي واجنبي بما يهيئ الى حرب اقليمية قد تحصد الارض والزرع، ويقينا ان حكام المنطقة والنظم السياسية ادارت الظهر لمطالب الشعوب سياسيا واقتصاديا بعد ان استأثرت ردحا من الزمن بالقرار والحكمة، وتمادت في الاخلال في توزيع التنمية الاقتصادية، واختلت الموازين الى مستويات متدنية مما افضى الى سحق الطبقة الوسطى التي كانت بمثابة الاسفنجة الواقية لهذه المجتمعات، وافرزت النظم نوعين من المواطنين إما ثريا او فقراء يشكلون الاغلبية الساحقة، هذا الفرز كان بمثابة برميل بارود ووقود لثورات الشعوب في عدد من دول المنطقة.

الاردن الذي استطاع خلال عامين مضت التعامل بحكمة وروية مع استحقاقات المرحلة، وكان اردنيون يعبرون عن مطالبهم بحرية وسط حماية امنية شكلت مثالا في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات بما لها وما عليها، الا ان رفع الاسعار خلال الاشهر حزيران، وايلول، وتشرين الثاني الماضية فاقمت الامور ودفعت بقلة الى رفع صوتها وشعاراتها مطالبة باصلاح النظام، ووسط استهجان العامة تجاوز خطوط حمراء، بخاصة وان الاردنيين متفقون على ان النظام بقيادة جلالة الملك هو الحصانة للبلاد والعباد، وان الخلاف و / او الاتفاق يقف على كلمة واحدة ان الملك الملاذ لرفع الظلم وتبديد الظلمات.

حياة الناس ومعيشتهم بكرامة هو القاسم المشترك الذي يتفق عليه المواطنون، وان سياسات الحكومات كانت وما زالت تبتعد عن هذا الخط مشدودة لسياسات تعتقد انها صحيحة وفيها طوق النجاة للبلاد في هذه المرحلة، الا ان الوقائع تشير الى عكس ذلك وان الغلاء المتراكم والمصطنع يهاجمنا في معيشتنا، وبدأ يؤذينا اكثر وهذا ما نخشاه.

الدستور

أضف تعليقك