الغلاء .. وكرة الثلج

الغلاء .. وكرة الثلج

بين الحب والوفاء لوطن اعز ما في الدنيا وحالة ضيق سبل العيش.. يقف الاردنيون ما بين الحيرة والذهول حيال غلاء متراكم لا يرحم ، بعضه طبيعي ناتج عن ارتفاع تكاليف الانتاج محليا او مستوردا ، وبعضه الاخر مصطنع نساهم فيه كل من جانبه مستهلك ومنتج وتاجر على كافة المستويات ، وفي خضم ذلك اعتقد جازما اننا بحاجة الى ورش عمل مستمرة لزيادة قدرة المتابعة والرقابة في الاسواق والى جهد وطني للارتقاء بقدرة المواطنين لترشيد ما يمكن ترشيده من نفقات دون ان يؤثر ذلك على متطلبات حياتنا اقتصاديا واجتماعيا.

حالة تفاوت كبيرة في الاسعار بين منطقة واخرى تفاقمت حتى شملت المنطقة الواحدة بدعوى النفقات والمصاريف بين منطقة واخرى ، وبدعوى الشراء الجماعي من "سوبر ماركت" الى اخرى في محاولة لاقناع جمهور المستهلكين اننا نعيش في قارة تختلف النفقات من ولاية الى اخرى ، علما بان كبار التجار المستوردين في المملكة هم قلة يوزعون على التجار والموزعين ، وابعد منطقة عن العاصمة لا تتجاوز 300 كيلو متر ، ونفقات التشغيل تكاد تكون متماثلة.

فلتان الاسعار استشرى الى درجة الفوضى بعيدا عن الرقابة الرسمية التي تدبج التصريحات الاعلامية وكأن الامور على احسن ما تكون ، الا ان الواقع مختلف تماما ، وبلغ التمادي على حقوق المستهلكين حدا لا يمكن القبول به ، بعض شركات صناعة الالبان والدواجن وتجار اللحوم يرفعون اسعار البلدي والمستورد دون مبررات حقيقية ، حتى وصل الامر الى باعة الخضروات في"المعرشات" رفع الاسعار بسبب زيادة المحروقات والضرائب علما انهم الاقل انفاقا على الطاقة ولا يدفعون ضريبة على المبيعات.. وعلى ذلك يمكن ان تقيس امور كثر لا مجال لطرحها في هذه العجالة.

اللحوم المستوردة من السودان ودول اخرى تم طرحها باسعار معتدلة في بداية الامر وعلى سبيل المثال تم بيع سعر كيلو اللحم المستورد من السودان بـ 4,5 دينار ، ثم ارتفع فجأة الى 6 دنانير ، وفي نفس السياق تم ضبط اكثر من 12 محطة لبيع المحروقات تخلط البنزين بصنفيه 90 و 95 اوكتان ليباع على انه 95 اوكتان ، وعدد من معاصر زيت الزيتون "ابدع" اصحابها في الاستيلاء على زيت المزارعين الذين ينتظرون العام باكمله بعيدا عن الرقابة والتفتيش من الجهات المعنية.

اسعار المحروقات التي حلقت طوال العام الماضي وسجلت ارتفاعا كبيرا تجاوزت نسبته %30 ، علما بان الدراسات ومسوحات الطاقة العالمية ذكرت ان معدل الارتفاع العالمي للطاقة بلغ %12 ، ساهمت في تسريع وتيرة الغلاء ، بخاصة وان اسعار الطاقة والمياه والسلع الارتكازية لها مضاعفات اقتصادية ترفع اسعار قوائم طويلة من السلع والخدمات ، لتشكل متوالية سقوط احجار الدومينو ، الامر الذي يتطلب معالجة رصينة من اصحاب قرار تحديد اسعار هذه السلع ، لا سيما ان متوالية الاسعار ستكبح الطلب وتبطئ حركة الاستثمار والاستهلاك في مجتمع لاتتجاوز حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي ثلاثة الاف دولار امريكي ، والاضرار بقدرة تنافسية الاقتصاد الاردني على المدى المتوسط والبعيد ، وهذا ما نخشاه.

الدستور

أضف تعليقك