الطبطبة على سكن كريم
في البداية, كانت مبادرة ملكية, استطاع فريق من المسؤولين ترويجها على هذا الاساس, وفعلا كان بالامكان ان تكون كذلك, مبادرة سكن كريم" مشروع ارادة جلالة الملك ليكون نقطة تحول حقيقي في حياة الاف الاردنيين الذين لا يمتلكون القدرة لشراء شقة بعد ان ارتفعت اسعارها الى حد الجنون.
مراحل الاعلان الاولى في عام 2007 تضمنت بناء 100 الف شقة خلال خمس سنوات بمعدل 25 الف شقة في العام وبسعر يبدأ من 18 الفا الى حوالي 23 الف دينار, وقد بدا واضحا ان تنفيذه شبه مستحيل من الحكومة التي لا تمتلك سوى الارض, وقتها كان الحديث عن تاسيس شركة مشتركة مع القطاع الخاص, وبدأ المشروع حينها يتفكك شيئا فشيئا.
المسؤولون الذين اصروا على واقعية المشروع في ذلك الوقت, قاموا بالالتفاف على المبادرة الملكية واجهضوها بطرق يشوبها فساد يستدعي الوقوف عندها.
البداية كانوا باستقدام بيت جاهز من لبنان ووضعه على ارض المشروع في الشوبك التي زارها الملك حينها واطلع على تفاصيل منازل سكن كريم وقد تم الاتفاق على بناء 300 وحدة من هذا النوع خلال ستة شهور .
المفاجأة انه وبعد مغادرة الملك للمواقع قام المتعهد الذي استأجر البيت الجاهز واعاد تصديره الى لبنان حيث انتهت قصة سكن كريم في الشوبك منذ ذلك اليوم, وبدا المشروع الذي علق عليه الاردنيون امالا كبيرة عليه سرابا .
بعد اشهر من تلك الورطة التي وضعت الحكومة نفسها فيها تبدأ مبادرة جديدة من خلال تأسيس شركة مع القطاع الخاص لتنفيذ المشروع مقابل اتفاق على هامش ربح معين تتقاسمه الجهات الرسمية مع شركائها, الا ان ارتفاع التكاليف المتواصل ادى الى انهيار الشركة وفشل المشروع.
وبدلا من ان تعيد الحكومة دراسة اسسس المشروع من جديد, ونتيجة التأخر الكبير تسارع الحكومة حينها الى تلزيم 18 عطاء من المبادرة في مختلف محافظات المملكة الى اعضاء في مجلس النواب مقابل 220 دينارا للمتر, في خطوة لاسترضاء النواب الذين بدورهم باعوا عقود التلزيم الى مقاولين اخرين, واذا ما اضيفت تكاليف اراضي الخزينة فان السعر يتضاعف الى مستويات قياسية.
في المحصلة, كان الانجاز مع نهاية 2010 ثمانية الاف شقة بقيمة كلفت الخزينة ما يقارب الـ 420 مليون دينار, فهل يوجد فساد اكثر من هذا وضوحا?.
من واجب الحكومة التي احالت ملف الكازينو الى مكافحة الفساد ان تحيل ايضا ملف سكن كريم, وان تم التحقيق في كل من تسبب بتلك الخسائر والذين التفوا على المبادرة الملكية واخفقوا في انجاحها لا بل ان بعضهم زور في هيكلها كما كانت الحال في البيوت الجاهزة بالشوبك, ناهيك عن الفساد العلني امام الرأي العام بمنح عطاءات المبادرة الملكية للنواب المقاولين .
الشارع ينتظر من الحكومة ان تبادر الى مصارحته ومكاشفة المواطنين بكل ما جرى في هذا الموضوع, وبالفشل الذي احاط بهذا المشروع جراء فشل القائمين على تنفيذه الذين حاولوا تمرير مصالحهم وتنفيذ مآربهم الشخصية من خلال محاولاتهم (لهف) العقود والعطاءات التي كانت سببا رئيسيا في اختلاف الفكرة عن الهدف والاصل عن النتيجة .
وعلى الرئيس الذي نعرف نظافة يديه ومصداقيته ان يحول كل القائمين على هذا المشروع الى المحاسبة والعقاب وتحميلهم مسؤولية الانهيار الذي احبط مشروع جلالة الملك بدلا من الطبطبة واخفاء الحقائق التي باتت معروفة لكل المواطنين الذين مسهم الظلم والقهر واحبطت آمالهم وامنياتهم وجعلهم ينتظرون العجز بكل صوره.
العرب اليوم