الصورة من الدوحة

الصورة من الدوحة
الرابط المختصر

في أوساط المدعوين لمنتدى الجزيرة الثامن بالدوحة، سادت حالة من الابتهاج بالعملية الانتخابية في مصر، والتي تزامنت انتخاباتها الرئاسية مع انعقاد المنتدى. وحتى لا تذهبوا بالظن بعيدا، فمرد الفرحة ليس نجاح عبدالفتاح السيسي، بل نسب المشاركة المتدنية، التي اعتبرتها رموز في المعارضة المصرية دليلا قاطعا على فشل الانقلاب، ومؤشرا على أن مصر عاقبت السيسي ومؤيديه، وبأن ما حصل في الانتخابات مقدمة لثورة ثانية في مصر. الصحافة ووسائل الإعلام القطرية احتفلت هي الأخرى بما سمته فشل الانتخابات، وركزت في تغطياتها على التجاوزات التي شهدتها الانتخابات.
ومثلما كان حضور المعارضة المصرية كثيفا في المنتدى، كان حضور رموز المعارضة السورية أيضا؛ برهان غليون، أحمد الطعمة، عبدالباسط سيدا، جورج صبرة، وغيرهم. كان لافتا لعديد المشاركين التزام قادة الثورة بحضور كل الجلسات ولمدة ثلاثة أيام. وفيما غادر معظم الضيوف، بقي هؤلاء في الدوحة. أحد المشاركين علق بالقول إن قادة في الثورة الفلسطينية احتاجوا ثلاثين سنة للانتقال من ثوار خنادق إلى ثوار فنادق، بينما لم يأخذ قادة المعارضة السورية أكثر من ثلاث سنوات للانتقال إلى الفنادق!
دعم المعارضة المصرية "الإخوانية" من جانب قطر يعد السبب الرئيس لأزمتها مع السعودية والإمارات. أجواء الدوحة لا تشير إلى تغير جوهري في السياسة القطرية حيال مصر. بعض المطلعين على كواليس السياسة هناك قالوا إن القيادة القطرية كانت تنتظر الانتخابات المصرية لتقرر موقفها، فإذا نال السيسي تفويضا شعبيا كبيرا، فإن ذلك قد يدفع إلى استدارة تدريجية في الموقف القطري. لكن بما أن الانتخابات أظهرت غير ذلك، فإن قطر غير مضطرة لتعديل موقفها في المرحلة الحالية.
تفيد مصادر في العاصمة الدوحة أن قطر نجحت في احتواء أزمتها مع السعودية، ولم تعد القيادة السعودية بذلك التشدد الذي كانت عليه بعد سحب سفيرها. المشكلة، حسب المصادر نفسها، هي في موقف مسؤولين إماراتيين يدفعون باتجاه مزيد من التأزيم مع قطر، ويعملون جاهدين لإفشال التوافقات الأخيرة بين الرياض والدوحة.
بشكل عام، القطريون في وضع أفضل مما كانوا عليه بعد الأزمة مع السعودية والإمارات، ولديهم شعور بأنهم تجاوزوا المحطة الصعبة من الأزمة، ونجحوا في إدارتها لتعزيز موقفهم.
من بين وسائل قطر في المناورة، الانفتاح الملحوظ على إيران، وفتح نافذة لقادة حركة حماس المقيمين بالدوحة على عقد لقاءات مع قيادات إيرانية، كان آخرها لقاء رئيس المكتب السياسي خالد مشعل مع نائب وزير الخارجية الإيراني في الدوحة، وزيارة القيادي في الحركة أسامة حمدان إلى طهران قبل أيام. وهناك كلام جدي عن زيارة يجري الترتيب لها لخالد مشعل إلى طهران.
هذا الانفتاح على إيران لا يعني تحولا في الموقف القطري تجاه نظام الأسد. مثل هذا الخيار لا يبدو واردا في الوقت الحالي.
علاقات قطر مع الأردن في تحسن؛ الجالية الأردنية في الدوحة لا تشكو من مضايقات كما كانت الحال سابقا. ومؤخرا، اختارت الحكومة القطرية الأردن ليتولى تطوير قوة أمنية قطرية، ووصل الدوحة منذ وقت قريب نحو 300 ضابط وضابط صف أردني لتولي المهمة. كما تجري الاتصالات للتعاقد مع 900 معلم أردني للتدريس في المدارس القطرية.
الأرقام تشير إلى زيادة عدد الجالية الأردنية في السنة الماضية بنحو خمسة آلاف عنها في العام 2012، ويتوقع أن يناهز تعدادها في العام المقبل الأربعين ألفا.
ثمة مسألة عالقة بين البلدين تقرر إلى حد بعيد مستقبل العلاقة، وهي ببساطة حصة قطر من المنحة الخليجية، والتي لم تُدفع للأردن بعد.
قطر دولة عجيبة بحق؛ فقد دخلناها من مطار، وغادرنا بعد ثلاثة أيام من مطار جديد لا مثيل له في المنطقة.

الغد