الصراع بين مكونات الأردن
مستوى التراشقات الاقليمية في الاردن وبين مكونات البلد،وتحديداً بين النخب،وبعض العامة،مستوى مؤسف جداً،والصراع المفترض مع الاسرائيليين،على خلفية مقترحات كيري،التي لم يتم اعتمادها بعد،يتحول الى صراع سياسي بين مكونات الاردن.
ما لذي تريده اسرائيل خير من ذلك،هذه الهشاشة التي اظهرتها ردود الفعل،وبدلا من التوافق والتوحد على لغة واحدة، تجاه المخاطر التي تهدد فلسطين والاردن،يمسك الناس بأعناق بعضهم البعض،وكأن هذا يمنع نفاذ الخطط،او يؤخر أي تصفيات؟!.
من المفيد هنا التوقف عند مقترحات كيري التي سربها مارتن أندك المبعوث الامريكي الخاص لعملية السلام،والتي من ابرزها اعلان اسرائيل دولة يهودية،بما يعني شطب حق العودة،والتوطين في دول الجوار،بالاضافة الى ما يمس القدس من تحولها الى مجردReligious zone للصلاة، بدلا من عاصمة،وغير ذلك من افكار ستؤدي الى تصفية قضية فلسطين.
علينا ان نلاحظ امرين،اولهما ان المنطق يفرض ان لايختبر اي مكون في الاردن مكونا آخر،عبر انتظار موقفه، فالغالبية الشعبية ضد التوطين،وليس بيدها اي شيء لفعله،بل ان اي رد فعل،قد يتم اعتباره من باب الرغبة بإثارة الفوضى او التخريب في البلد، وهذا المكون تحوصل على نفسه،ولايعبر عن نفسه سياسياً،خشية الشكوك،في نتائج تصرفاته.
ثاني الامرين،ان النخب تمارس الاتهامات،وبدلا من ان تسعى للتوحد معا،في تحركات سياسية،تعبر عن رفض تصفية القضية الفلسطينية،عبر لغة موحدة سياسيا واجتماعيا،الا انها تمارس الاتهامية،على خلفية الشكوك،والخذلان،خصوصا،ان هناك مساعي لم تنجح من اجل توسعة التحالفات ضد مفاوضات السلام،ولايمكن هنا،استدعاء علاقات مهملة،في ليلة واحدة.
هذا امر مؤسف من جانب آخر،غير ان سببه وجود تناقضات كبيرة وشكوك بين هذه النخب السياسية،وليس ممكنا في لحظة جمع الاسلاميين مع الحركة الوطنية الاردنية ومع رموز سياسية من شتى المنابت والاصول في جبهة موحدة ضد هذه العملية،فالمسافات بين الجميع كبيرة،ولايمكن القفز عنها في لحظة واحدة،مهما بلغت خطورتها.
لان الظن اثم،يعتقد كثيرون ان الانخراط في جبهات موحدة،يراد توظيفه لغايات اخرى غير التنديد بتصفية القضية الفلسطينية.
هذه بعض تعبيرات المشهد،غير ان اخطر مافي المشهد،المخاوف من جر البلد الى صدام اهلي،بين مكوناته،وهنا ستنجح اسرائيل في نقل المعركة الى الاردن،وهذا الصدام،قد تبدأ به مجادلات النخب،ويتم رفع حرارته بالتراشقات الاقليمية غير الواعية من الجميع،فيما يتولى تفجير الشرارة،كثرة من الدهماء،تعتبر ان الفعل ورد الفعل،يفرضان دما واقتتالا وصراعا.
منتهى الحماقة،ان نسمح بتسلل الشكوك بيننا الى هذه الدرجة،وهذا يؤسس لصدام اهلي خطير،لا احد يعرف سقوفه ومآلاته،وبدلا من ذلك لابد ان يسعى الجميع الى اغلاق هذه النافذة،بتأكيد المؤكد من قدسية حق العودة،الى رفض خطط تصفية القضية الفلسطينية،وغير ذلك من احتمالات،وقبل كل ذلك،انتظار خطة كيري حتى يقبلها الفلسطينيون والاسرائيليون وهذا امر مشكوك فيه طبعا.
اسرائيل اختبرت بكل بساطة مستوى الهشاشة الداخلية،ومفاتيح تخريب البلد من الداخل،والاصل ان يتذكر الجميع،ان الموضوع لايخضع للمزاودات والمناكفات بين الجميع،فما يريده السياسيون شيء,وماتقبل به الاغلبية الشعبية من شتى المنابت والاصول شيء آخر تماما،ولايوجد اي سبب منطقي يدعونا جميعا،الى رشق وجوه بعضنا البعض بماء النار،تعبيرا عن الوطنية.
لغة التخوين مؤلمة،فلماذا يعتقد البعض ان هناك استعدادا لدى البعض الاخر،لبيع فلسطين،ورفض حق العودة،ولماذا يعتقد بعضنا ان البعض الاخر يريد استثمار قصة كيري لاظهار العداوة والكراهية ضد مكون آخر،وهذا حوار غير عادل بين الجميع،خصوصا،ان سيف الخطر يتهدد الجميع،وبدلا من استدعاء اللحمة الشعبية،يتم التراشق بالرماح بين الناس.
نريد قليلا من الصبر،وان لانسمح بنقل الصراع الى الاردن،فهذا الاحتمال خطير جدا،ولايمكن ان يقبل به العقلاء.
الدستور