السلط: فيلم رعب

السلط: فيلم رعب
الرابط المختصر

شباب يتجمهرون مدججين بالسلاح، يقيمون حاجزا حجريا في منطقة بطنا، الواصلة بين مدينة السلط وقرى يرقا وعيرا التي تحيط بها، للتفتيش على السيارات العابرة.

مشهد يصفه سكان محليون "بالحرب الأهلية"، فيما يُوصف الشباب (أمل المستقبل) بـ"المرتزقة".

الحكمة مغيّبة من الطرفين، ولا عقل، والنعرة الضيقة مسيطرة، حتى العقلاء من الطرفين، يبدو أنهم باتوا يفتقدون للمنطق والحكمة.

الشباب يوقفون سيارة، يُنزِلون سائقها منها ويشبعونه ضربا، ويهددونه بالقتل، زوجته وهي من منطقة الشباب المعتدين تتدخل، تصرخ وتستغيث، وتسعى لتخليص زوجها من أيديهم، وفقط لأنها ابنتهم تنجح بذلك!

المنظر مرعب وغريب، وليس معتادا في مجتمعنا، لكنه حدث من قبل في معان، وتلتها الكرك، وها هي السلط اليوم تتقدم.

الحال صعب؛ التفتيش على الهوية، والأخيرة هي من يحدد المصير، وماهية التعامل والعلاقة مع الآخر، التصعيد مستمر من الطرفين، وكثيرون يتساءلون هل من المعقول أن يحدث هذا في السلط، رغم كل علاقات الجيرة والنسب والقربى؟!.

أين كان الأمن والشباب يتجمعون، وكيف استطاعوا أن يتجمعوا وسط غياب تام للأمن، رغم أن المنطقة مراقبة، من الجهات المعنية التي تتابع الملف المشتعل منذ أيام.

ساعات ثلاث من تبادل إطلاق النار امتدت من الثانية عشرة ليلا حتى الثالثة صباحا، بين الطرفين، النتيجة إصابتان، العائلات لم يغمض لها جفن، بقيت متيقظة كبارا وصغارا، حتى ساعات الصباح الأولى، خوفا من القتل، وأصوات الرصاص التي خرجت من أسلحة أوتوماتيكية متطورة، حملها الطرفان.

كيف وصلت هذه الأسلحة الباهظة الثمن وعددها بالعشرات لأيدي الشباب، وهي التي يقدر خبراء أسعارها ما بين (4000 - 6000) دينار للقطعة الواحدة؟

لم أجد جوابا شافيا. كيف تمكّن هؤلاء الشباب من اقتناء هذه الأسلحة وهم على مقاعد الدراسة، إلا إذا كان في الأمر تفاصيل لا نعلمها، وثمة من يزود الشباب بالسلاح؟ أو أن لديهم مصادر دخل لا يعلمها أحد.

ليلة الجمعة على السبت لم تكن عادية بكل المقاييس، زاد الشعور بالخوف والقلق، وانقطعت الكهرباء عن مناطق واسعة بسبب العيارات النارية التي أصابت تمديدات الكهرباء.

وسط كل هذا الانهيار والفوضى، قوات الأمن والدرك ظلت تتابع الحدث عن بعد كمن يشاهد "فيلما بوليسيا"، وتنتظر وقف إطلاق النار حتى تتدخل، وهو ما حدث بالفعل.

ليست المرة الأولى التي تنشب فيها مثل هذه المشاكل، وكثيرا ما وقعت مثلها، لكن هذه المرة الوضع مختلف، ثمة عزلة تعيشها قرى بأكملها، والخوف الكبير أدى إلى تعطل الحياة.

رياض الأطفال مغلقة، الطلبة في المنازل لا يعودون لمدارسهم، خوفا من الاختلاط، التسوق لم يعد متاحا، وأبناء المناطق كلٌ يلجأ لبقعته ولـ"مضاربه" الأصلية ليحمي نفسه، والأهالي اتجهوا للطرق البديلة لتجنب الاحتكاك بالآخر.

أهالي الطلبة أيضا مرعوبون من إرسال أبنائهم للجامعة، خوفا من طلق طائش، وطالبوا إدارة الجامعة بتعليق الدوام خوفا على أولادهم.

الجميع مسؤولون عن حالة الانحطاط التي تمر بها المدينة، ومدرسة السلط بكل تاريخها تقف شاهدة بحزن على ما حل بالمدينة من تخلف وتراجع، فأم المدارس تتحسر على أيام كانت المدينة منارة للعلم، وها هي اليوم مركزا للعنف والسلاح، والمخدرات، التي يتعاطاها الشباب في الجامعات وخارجها!

الجامعات صارت بيئة للعنف والقتل، وما يحدث في الجامعات اليوم، إنما هو انعكاس لمجتمعات انحدرت نتيجة عوامل كثيرة، أبرزها غياب تطبيق القانون، وترك الحبل على الغارب، حتى خرجت الأمور عن السيطرة، ولم يعد بالإمكان الإمساك بها

الغد

أضف تعليقك