الرسائل الأولى من مجلس النواب

الرسائل الأولى من مجلس النواب
الرابط المختصر

الرسالة الأولى من مجلس النواب لم تكن جيدة تماما، لكن لم يفتْ الوقتُ، واليوم يمكن أن تكون الرسالة أفضل، لو توافق المجلس على اللجان بصورة مقنعة للرأي العام.

يجب أن لا تغيب عن ذهن النواب لحظة واحدة هذه المسؤولية. الناس ليسوا مهتمّين بتفاصيل المنافسات والمناورات للفوز بالمناصب، وهي باستثناء رئاسة المجلس ليست على تلك الدرجة من الأهمية، والأهم هو الانطباع، الذي يعطيه المجلس عن نفسه في بداية عهده. فهذا المجلس يعوّل عليه كثيرا ليكون رافعة لانطلاقة جديدة نحو التغيير والإصلاح، بعد أن وصلت صورة مجالس سابقة في عيون الناس لحالة من التردّي، لدرجة أن الرأي العام كان مستعدا للاحتفال بقرار حلّ آخرها!

هذه المرّة، كما في كل مرّة، بدأت الدورة بمنافسة على المناصب لا تعكس تغييرا في العقليات، وهذا مؤسف، وقد وجد النوابُ الجددُ أنفسهم فريسة سباق محموم عليهم للانضمام إلى كتل لا يعرفون لها أساسا، سوى الحسابات العددية لتقوية الموقف في المقايضات للحصول على المناصب، ومن الطريف أنها أدّت الغرض فعلا في الانتخابات لمناصب المكتب الدائم، فهناك كتلتان لهما أساس سياسي هما كتلة التيار الوطني وكتلة التجمع الديمقراطي، تمّ استثناؤهما من الاتفاق، وتفاهم ائتلاف من ثلاث كتل كبيرة تشكل على عجل من دون أساس سياسي، تفاهم على تقاسم المناصب كلها. وهذا الاتفاق أقصى المستقلين ومنهم كفاءات عريقة، فهؤلاء لم يكن لديهم أي سبب جدي للانضمام لهذه الكتلة أو تلك فوجدوا أنفسهم معزولين خارج المقايضات الكتلوية لتقاسم الغنائم!

كان أفضل كثيرا لو أن تشكيل الكتل تأخر قليلا، ولم يرتبط بالمنافسة فورا على المناصب، خصوصا وأن المنافسة على منصب الرئيس لم تكن كتلوية فقد ترشح الفايز كمستقلّ، وزار النواب فردا فردا للحصول على تأييدهم وحظي بالفعل بتوافق عام، وكان يمكن لانتخابات غير كتلوية تقوم على القناعات الفردية بالمرشحين أن تفرز بقية المناصب لننتهي من هذا الاستحقاق، بينما يأخذ الجهد لتشكيل الكتل مداه الطبيعي في التعارف والحوارات لتشكيل القناعات على مدى الأسابيع المقبلة.

في الواقع أن بعض أقطاب الكتل كانوا مقتنعين بضرورة مشاركة الجميع، ومراعاة الجدارة والخبرة، لكن من كان سيتنازل عن الحصّة الموعودة والمقررة بالاتفاق؟! والآن بعد تقاسم رئاسة معظم اللجان يعرض الائتلاف بقية المناصب غير المهمّة على الكتل غير المشاركة، لكن هذه الكتل مع المستقلين يستطيعون إثارة مشكلة بفرض الانتخابات لاختيار أعضاء كل واحدة من اللجان الأربع عشرة في المجلس. فكل لجنة تتشكل من 11 عضوا، وإذا سجّل عضو إضافي آخر وجب إجراء انتخابات لاختيار كل الأعضاء. وهذه إعاقة سيئة لعمل المجلس، بينما بمرونة وعقلانية يمكن توسيع التفاهم للجميع بما في ذلك اختيار كفاءات توافقية لبعض المواقع.

على كل حال، فإن موضوع اللجان كله بحاجة إلى مراجعة، ضمن المراجعة العامّة للنظام الداخلي للمجلس.

الغد