الرئيس قبل السفير

الرئيس قبل السفير
الرابط المختصر

أكثر من نظرية تم تداولها في عمان البارحة، حول اختطاف سفير الأردن في طرابلس المحررة، وقاها الله شر أبنائها قبل أبناء عمومتها.

علينا أن نتذكر هنا أمرين،  فرئيس الحكومة الليبية السابق علي زيدان تم اختطافه، وهو الرئيس الذي يخضع لحمايات، فإذا كان رئيس الحكومة يتم اختطافه، فماذا نقول عن غيره من وزراء او اعضاء هيئات دبلوماسية؟!.

ثاني الأمرين ان الدبلوماسية الاردنية تعرضت دوما الى حوادث شبيهة من اغتيالات وتفجيرات، في اكثر من عاصمة وفي اكثر من قصة، وهذا قدر الدبلوماسي الذي يخدم في المناطق غير الآمنة، وفي الدول الهشة أمنيا.

إذا عدنا الى النظريات فهي متعددة، اولها ان يكون خلف الاختطاف مجموعة ليبية متشددة تريد المقايضة على سجناء في الاردن من ذات الاتجاه، وسواء أكان المطلوب اطلاق سراحه في الاردن ليبيا أم غير ليبي فقد يكون هناك تنظيم خلف الحادثة له هدف محدد، والمعلومات تتحدث عن ليبي شارك بمحاولة لم تنجح لتفجير المطار ونقطة ضعف هذه النظرية ان الذين تذكروه قدموا متأخرين وبعد سنوات،  إلا إذا كان هناك ضعف مستجد بحماية السفير شجعت على هذه الفعلة.

النظرية الثانية تتحدث عن عمل انتقامي من الاردن على خلفية سقوط نظام القذافي واعتقاد انصاره ان الاردن شارك مع عواصم اخرى لوجستيا وفنيا بالشراكة مع الناتو في اسقاط نظام القذافي، وهذا احتمال وارد، على الرغم من كونه ضعيفا لتوقيت الانتقام المتأخر ايضاً.

ثالث النظريات تتحدث عن مجموعة ليبية قامت بالخطف على خلفية انتقام شخصي،  لأي سبب كان يتعلق برد فعل على حادثة قد لا نكون نعرفها تماما تعرض لها ليبي في الاردن،  بشكل او آخر.

النظرية الرابعة تأخذك الى الرغبة بمس استقرار الحكم الليبي الحالي، واثبات قدرة اي مجموعة على خرق الامن، وبث الذعر في الهيئات الدبلوماسية، وهذا يعني ان السفير الاردني لم يكن هدفا محددا بحد ذاته، بقدر وجود نقاط ضعف في حماياته او تحركاته، جعلته هدفا لهذه العملية بدلا من غيره، وهذه النظرية حساسة ايضا، وتتطابق مع ما تعرضت له هيئات دبلوماسية اخرى في ليبيا.

خامس النظريات يفترض ان هذه مجموعة تريد فدية او مبلغا من المال مقابل اطلاق سراح السفير، ورده الى اهله وبلده.

النظرية السادسة مهمة إذ تتحدث عن صراعات الامن في طرابلس وليبيا عموما،  وان كل القصة تعبير عن صراعات بين اجنحة امنية في الدولة التي يشقى الليبيون لإعادة بنائها،  فلم تبقَ كما كانت ولا أعيد بناؤها،  وهذا يعني ان الاختطاف يراد منه تحميل مسؤولية الخطف كتقصير في الواجبات والمعلومات الى جناح محدد داخل اجهزة الامن الليبية.

النظرية السابعة،  وهي صاعقة بالمناسبة، ان يكون خلف الاختطاف اتجاه تنظيمي معين، وان يكون الخاطفون من الاردنيين،  للمقايضة على سجناء او قضايا محددة،  وهي كارثة بحق لو ثبتت، وتبقى هذه نظرية ضعيفة جدا،  ولا نريد أن نصدقها، على الرغم من اننا نعرف ان التنظيمات لا تتوقف عند اشتراطات المواطنة وحقوقها،  وتقفز بأي اتجاه كان،  وهذه النظرية قد تسعى السلطات الليبية لاحقا لتوظيفها لتغطية تقصيرها وفضيحة الاختطاف برد الكرة الى مرمانا المتعب من الأهداف.

العقدة في كل الجريمة،  تتلخص في الغموض،  فقد نسمع غدا عن تنظيم باسم وهمي،  فيما هو تعبير عن صراع الأجهزة الأمنية في ليبيا، وقد نسمع عن خاطفين يريدون فدية مالية او اطلاق سراح فلان او علان، فيما هم واجهة لمخطط آخر.

هذا يعني أن انتظار الخاطفين حتى يعلنوا هويتهم  إعلان غير منطقي، لأن إعلان الهوية هنا، والمطالبات قد لا تكون دقيقة،  وتخفي خلفها قضايا أخرى، وأصول الفعلة القبيحة وجذورها.

ليس أدل على خطورة التقييمات في عمان، من وقف رحلة طيران الملكية الى طرابلس اليوم، وهذا يعني مخاوف عميقة من وجود تهديدات لأي مصالح اردنية، وهذا يشير إلى أن العمل قد يكون منظما، لاستهداف مؤسسات الأردن وابناء الاردن، لاعتبارات مختلفة.

في أي لحظة قد نسمع عن تحرير السفير أو إطلاق سراحه، ولحظتها علينا ان نحمد الله  تعالى ونفكر مطولا في أعماق القصة، ومَنْ خلفها بالتحديد، ومخاطر تكرارها في غير بلد ومكان.

رد الله السفير من غربته الينا.

الدستور