الديمقراطية المسلّية.. رحلة البحث عن رئيس وزراء!

الديمقراطية المسلّية.. رحلة البحث عن رئيس وزراء!
الرابط المختصر

جميع الأطراف سئمت الطريقة التقليدية في التشكيل بمن فيهم الملك

للتجربة الديمقراطية في بلادنا وجه ظريف ومسل, فمنذ ان لاحت بوادر تغيير حكومي محتمل انخرطت وسائل إعلام ومراكز دراسات في تنفيذ اوسع عملية بحث للعثور على رئيس وزراء يناسب المرحلة الجديدة, ويحمل من المواصفات ما يؤهله لتولي هذا الموقع الحساس. موقع إلكتروني أطلق مسابقة لهذه الغاية, فتح الباب امام الجمهور للمشاركة في اختيار رئيس الوزراء المفضل. ولان هذا النوع من المسابقات فيه قدر كبير من التشويق والتسلية فقد حظى بنسبة عالية من التفاعل والمشاركة.

مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية انتهج اسلوبا وقورا في سعيه للعثور على رئيس الوزراء المناسب, وبدلا من فتح الباب امام المشاركة الشعبية في المهمة الوطنية, توجه الى النخب فقط أومن يسمونهم في علم المسوحات بقادة الرأي, وباشر منذ ايام استفتاء العشرات وربما المئات منهم, وتسربت لمواقع إلكترونية نتائج اولية اظهرت تقدم رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات على منافسيه وبفارق كبير.

هل سمعتم عن ديمقراطية أكثر تسلية من هذه? ديمقراطية تتيح للشعب اختيار رئيس الوزراء مباشرة, ومن دون الحاجة للذهاب الى صناديق الاقتراع او الانتساب للاحزاب, بكبسة زر تشارك في العملية الديمقراطية واذا وقع الاختيار على مرشحك تربح جائزة قيمة.

لا شك اننا بهذا الاسلوب تقدمنا خطوة الى الامام نحو هدفنا بتوسيع المشاركة في صنع القرار, فلسنوات مضت كان اختيار رئيس الوزراء منوطا بشركات العلاقات العامة ولفيف من الاصدقاء الموهوبين, اما الان, فإن "الربيع العربي" يستدعي دورا مباشرا للجماهير في اختيار من يمثلهم.

عندما تتلكأ الدول في انجاز استحقاقات الاصلاح تصبح تجربتها بحق مادة للتسلية والفكاهة, ويشعر كل من يشارك بالرغبة في كسر الملل بأفكار من قبيل ما عرضنا. 

يحدث ذلك معنا لاننا نفتقد للآليات المجربة في الديمقراطيات لاختيار رؤساء الوزارات والحكومات, وجراء حالة الجفاف التي تعاني منها حياتنا السياسية, صار اختيار رئيس الوزراء عملية شاقة ومحيرة. ونحن الذين نعمل في مجال الاعلام كثيرا ما نواجه بالسؤال عن مرشحنا لهذا المنصب, وفي معظم الاحيان نبدو عاجزين عن تقديم الجواب.

بصراحة الجميع سئم هذه "الحزورة", وفي مقدمتهم الملك الذي عبّر اكثر من مرة عن رغبته بتكريس آلية جديدة لتشكيل الحكومات تبدأ وتنتهي بالبرلمان, وفي مقابلاته وخطاباته الاخيرة في نيويورك تحدث عن هذا الامر ثلاث مرات.

لا يمكن ولوج المرحلة الجديدة قبل الانتخابات النيابية المبكرة, وفي المرحلة الانتقالية التي نمر بها حاليا, لا يتوفر بديل للآلية القائمة بما تنطوي عليه من حسابات خاطئة ومقالب مسلية.

لكن بدل المسابقات والاستطلاعات يمكن اللجوء الى آلية الاستمزاج المباشر لمن تبقى من نخب لها رصيد من المصداقية الشعبية والاحترام العام سواء أكانت من الموالاة أم من المعارضة, للوصول الى صيغة تسمح بولادة حكومة مختلفة عن سابقاتها, ولتكون الاخيرة التي تشكل بهذا الاسلوب القديم.

العرب اليوم

أضف تعليقك