الخوف من الحكومة مشروع
ما حصل للمعلمين سابقة خطيرة يمكن ان تتكرر مع غيرهم في المستقبل.
كان بعضنا يعتقد ان خوف الاردنيين من انتقاد الحكومات غير مبرر, خاصة وان استطلاعات الرأي اظهرت على الدوام ان اكثر من ثلثي المواطنين يخشون من عواقب هذا النقد. اعتقدنا ان الخوف غير مبرر لان مساحة الحرية المتاحة واسعة وبوسع المواطن ان ينتمي للاحزاب ويشارك في المسيرات ويدلي برأيه في الشأن العام ويدافع عن حقوقه النقابية والمطلبية من دون ان يتعرض لاي شكل من اشكال العقوبة.
لكن يبدو اننا كنا على خطأ وان خوف المواطن على وظيفته مشروع ومبرر, وعليه ان يعدّ للالف قبل ان يرفع صوته مطالبا بحقه فما حصل لنشطاء المعلمين ومن قبل لرئيس لجنة عمال المياومة محمد السنيد اكبر دليل على ذلك.
الحريات التي كفلها الدستور للمواطنين لم تعد مضمونة وصار بمقدور الحكومات انتهاكها في وضح النهار, وتسويق قرارات الفصل والاستيداع والنقل التعسفي باعتبارها امورا طبيعية على حد وصف الناطق باسم الحكومة.
لم يعد الالتزام بالدستور وثوابته والقوانين الناظمة للحريات كفيلا بصون حقوق الناس واصبح لزاما على كل مواطن ان يكون مواليا للحكومة كيلا يخسر وظيفته في القطاع العام. ليس فيما نقول تجنٍّ على الحكومة. فالمعلمون ومن قبل عمال المياومة حرصوا وفي كل اعتصام او اضراب على رفع الاعلام الاردنية وصور الملك, ولم يفوتوا مناسبة الا واكدوا فيها ولاءهم للوطن والنظام ولكن ذلك كله لم يحمهم, وكان عليهم ان يدفعوا ثمن "التطاول" على الحكومة. والاردنيون لم يعودوا "امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات..." كما نصت الفقرة الاولى من المادة السادسة من الدستور. فمن كان من "ربع" الحكومة يجلس فوق القانون حتى وان اهان اكثر من مئة الف مواطن واخفق في ادارة الامتحان الوطني وشتم الناس في عقر دار الرئاسة وسخر من شعبه, كل ذلك لا يبرر استقالته ابدا ولا حتى لفت نظره. اما من اعتصم سلما وتظاهر وفق احكام القانون وخاطب المسؤولين بأدب جم فعليه يطبق دستور الحكومة وقانونها الفصل والاستيداع.
من المؤسف حقا ان تسيء الحكومة بهذا الشكل الى مكرمة الملك للمعلمين وتوظف الامتيازات التي امر جلالة الملك بمنحها الى من كاد ان يكون رسولا غطاء للاستفراد بنشطاء التحرك النقابي وتعاقبهم.
الحكومة التي تقدم على مثل هذه الافعال ليست جريئة ولا شجاعة ولا صاحبة قرار فما حدث له اوصاف اخرى يعرفها الناس.
بعد اليوم من حق المواطنين ان يخافوا الحكومات ولا يصدقوا كلامها عن واحة الحريات والديمقراطية, فما حصل مع المعلمين يمكن ان يتكرر مع غيرهم في المستقبل.