الحكومة.. هل من فرصة لاستعادة الثقة؟

الحكومة.. هل من فرصة لاستعادة الثقة؟
الرابط المختصر

غياب الحوار والتواصل مع القوى المؤثرة عزز الشعور السلبي .

لم يسبق لحكومة في السنوات القليلة الماضية ان واجهت هذا المستوى من الانتقادات الذي تتعرض له حكومة سمير الرفاعي, ولا يعني هذا بالضرورة ان الحكومات الثلاث السابقة على الاقل كانت افضل من الحكومة الحالية ففي الخطوط العامة للسياسات قد لا نجد فروقا جوهرية كما ان تركيبة مجالس الوزراء وآليات تشكيل الحكومات لا تختلف عن بعضها.

الفرق الاساسي الذي وضع الحكومة الحالية في مستوى اسوأ من غيرها هو غياب التواصل والحوار مع القوى السياسية والنخب الحزبية والنقابية والاجتماعية المؤثرة في الرأي العام, والاصرار على اتخاذ القرارات وسن التشريعات من دون تشاور مسبق مع الاطراف صاحبة المصلحة.

وقد سجل المراقبون سلوكا غريبا من طرف الحكومة الحالية ورئيسها على وجد التحديد تجاه النقابات والاحزاب السياسية التي لم يلتق بها منذ تشكيل الحكومة. بينما كان رؤساء الحكومات السابقون يحرصون على الالتزام بتقليد زيارة مجمع النقابات ولقاء الاحزاب والانفتاح على وسائل الاعلام بشكل مستمر.

الشعور بالتجاهل عزز الانطباع بالنسبة لهذه الاطراف بان هذه الحكومة (فوقية) و"استعلائية" لا يهمها الرأي الآخر لا بل هي غير معنية بسماعه.

وعندما تغيب جسور التواصل والحوار ويشعر الطرف الآخر بان الحكومة لا تشعر باي مسؤولية تجاهه يكون من السهل اتخاذ اكثر المواقف تشددا كالمطالبة برحيل الحكومة الذي اصبح قاسما مشتركا لبيانات النقابات والاحزاب والمتقاعدين العسكريين والمعلمين والعمال.. الخ.

ومع اتساع فجوة الثقة وانقطاع كل اشكال التواصل يتشكل ما يشبه الاجماع الوطني على مطلب "الرحيل".

ومعلوم ان امر بقاء الحكومة او رحيلها ليس في يد النقابات او الاحزاب وغيرها من قوى الرأي العام, لكن مجرد تبنيه وعلى نطاق واسع يزيد من عزلة الحكومة على المستوى الشعبي, ويُضيّق هامش التحرك امامها.

كان بوسع الحكومة ان تقلل من حجم خسائرها لو انها حافظت على نهج الانفتاح والحوار, ولم تغلق ابوابها, وتتصرف كما لو انها حكومة بلا شعب وقوى حية تعودت منذ تأسيس المملكة على ان تكون شريكة في صناعة القرار.

والفرصة لم تفت لتعويض الخسارة فبوسع الحكومة ان تجعل من الشهرين الفاصلين قبل موعد الاستحقاق الانتخابي موسما لحوار وطني مكثف مع الاطراف كافة ومناسبة لمراجعة السياسات والقرارات التي ساهمت في خلق حالة الاحتقان.

ان مثل هذا السلوك لا يمس في هيبة الحكومة انما يعيد لها الثقة المفقودة ويساعد الى حد كبير في تحسين المزاج الشعبي للمشاركة في الانتخابات وتجاوز دعوات المقاطعة.

كلمة السر في ذلك كله هي الحوار مع الناس واحترامهم قبل اي شيء آخر.

العرب اليوم