الحكومة تخضع القطاع العام لأحكام عرفية

الحكومة تخضع القطاع العام لأحكام عرفية
الرابط المختصر

مدونة سلوك لضرب حركات الاحتجاج وحجب "المواقع" لفصل الموظف عن مجتمعه.

هذه الحكومة لا تتعلم من اخطائها ولا تريد ان تتعلم.

كان بعض المراقبين يعتقد ان مشكلتها تنحصر في عدد ممن عرفوا بوزراء التأزيم فتبين لاحقا ان التأزيم سياسة رسمية للحكومة لا تتغير بتغير الوزراء..

لم تكتف الحكومة بمعاقبة المعلمين بالفصل "الاستيداعي" والنقل التعسفي وطرد ممثلي عمال المياومة من اعمالهم لا بل وتحويل رئيسهم الى المحكمة واستفزاز القوى الاجتماعية والسياسية ودفعها لمقاطعة الانتخابات النيابية , لم تكتف بذلك كله فهي تصر على الامعان في سياسة استفزاز الرأي العام غير عابئة بمعاناة الناس جراء ارتفاع الاسعار بسبب قراراتها الاقتصادية التي ضاعفت الاعباء عليهم وزادت من ضغوطهم الاجتماعية والاقتصادية.

الهدف المفضل لضربات الحكومة وقراراتها الاستفزازية بات هو القطاع العام فبعد التحركات الاحتجاجية التي شهدها هذا القطاع في الاشهر الاخيرة صبت الحكومة جام غضبها عليه وعملت بكل طاقتها لاعادته الى بيت الطاعة, حيث سارعت الى تفعيل مدونة سلوك وظيفي كانت قد اعدت من قبل لتحقيق هدف واحد اوحد هو منع الموظفين من الاضراب عن العمل او تحريض الغير عليه , والامتناع عن تنظيم العرائض الجماعية المتعلقة بالوظيفة او الاشتراك في تنظيمها مهما كانت الاسباب والدوافع...." كما تتضمن "المدونة" بنودا اخرى تجعل من الموظف الحكومي مواطنا منقطعا عن مجتمعه وعبدا للحكومة لا يحق له حتى المشاركة في اعمال الخير او نشاطات المجتمع المدني..

وفي بحثها عن الاسباب التي تدفع بالموظفين الى الاحتجاج والشكوى وجدت الحكومة ضالتها في المواقع الالكترونية الاخبارية والصحافية فقررت حرمان موظفي القطاع العام من متابعتها وذلك بحجب خدماتها من الوزارات والدوائر الحكومية. لتكتمل بذلك دائرة القمع, فالموظف لم يعد من حقه بعد اليوم ان يرى او يسمع او يتكلم لمجرد انه موظف عند الحكومة. ولا يكتفي المسؤولون بهذه الاستفزازات بل يضيفون اليها تصريحا يرددونه صباح مساء "لا زيادة على رواتب الموظفين"..

ولكي تمر الاجراءات العرفية كان لابد لها من مبررات ومسوغات يتولاها في العادة وزراء الاختصاص فيخرج وزير عبقري على الرأي العام كاشفا عن اخطر دراسة اجرتها الحكومة حول الخسائر المترتبة على متابعة الموظفين للمواقع الالكترونية, او بينت الدراسة ان كل ساعة استخدام للانترنت من قبل الموظفين "اللاعبين" تكلف خزينة الدولة 70 مليون دينار سنويا...!

كيف فاتتنا هذه المعلومة ونحن نبحث عن اسباب العجز البليوني في الموازنة الان عرفنا السبب والفضل في ذلك يعود للوزير العبقري..

لا يكفي بالطبع ان نقطع خدمة الانترنت عن الدوائر الحكومية لوقف مسلسل الخسائر, على الحكومة ان تحاسب الموظفين بأثر رجعي على الاف الساعات التي امضوها على الانترنت..

سيكون مبلغا خرافيا يقتطع من رواتب الموظفين ومخصصاتهم التقاعدية يكفي لسد العجز والمديونية معا..!

لا ادري كيف سمح العقلاء في الحكومة باعداد واعلان دراسة كاريكاتورية كهذه..!? .

ولقطع الطريق على احتجاجات محتملة لمعلمين او لغيرهم من قطاعات الموظفين كان لابد من اصدار مدونة السلوك الوظيفي في حفل رسمي بهيج باعتبارها منجزا مهما من منجزات تطوير القطاع العام لكن السم في الدسم كما يقولون من بين مواد المدونة الـ 13 يستطيع المتصفح للكتيب ان يعرف المراد الذي من اجله كانت المدونة.