الحكومة بعد "100" يوم .. إنجازات وأخطاء

الحكومة بعد "100" يوم .. إنجازات وأخطاء
الرابط المختصر

مضى نحو «100» يوم على تشكيل حكومة البخيت، وصار بوسعنا ان نسأل: ماذا انجزت الحكومة حتى الآن؟ وما هي الاخطاء التي ارتكبتها؟ هل كانت فعلا بطيئة في حراكها ام انها -كما يصفها رئيسها- متأنية في اتخاذ قراراتها؟ هل نجحت -حتى الآن- في تطمين الناس على مشروع الاصلاح ام ان رسائلها تجاهه ما تزال غير مفهومة؟.

قبل ان اجيب عن هذه التساؤلات وغيرها استأذن في الاشارة الى ملاحظتين: اولاهما انني عدت الى نص البيان الوزاري الذي قدمه السيد البخيت امام مجلس النواب فلم اجد اي برامج محددة او التزامات واضحة يمكن ان استند اليها في فهم او تقدير انجازات الحكومة، فالبيان -كما وصفه النواب آنذاك- يتحدث في المجال العمومي، ويتناول قضايا عامة ومفتوحة وهو بالتالي لا يختلف عن غيره من البيانات الحكومية السابقة.

اما الملاحظة الثانية فهي ان جلالة الملك استشعر بطء الحكومة في تنفيذ الاصلاح فبعث برسالة واضحة حذرها فيها من «التأخير» في انجاز ما اسند اليها من مهمات، كان ذلك قبل نحو شهر ونصف «22/3» واذا ما اخذنا هذا التاريخ بعين الاعتبار عند النظر الى ما انجزته الحكومة بعد ذلك، فاننا لن نرى جديدا في هذا الميدان باستثناء تشكيل لجنة التعديلات الدستورية وهذه كانت مبادرة من الملك وليست من الحكومة ثم تشكيل لجنة الحوار الاقتصادي وهذه انحازت الى «الحكومة» شكلا ومضمونا ولا يتوقع ان تقدم اي حلول فاعلة وجذرية لمشكلتنا الاقتصادية.

للانصاف، يمكن ادراج «اعتراف» الحكومة بحق المعلمين في انشاء نقابة لهم واحالتها بعض «ملفات» الفساد على هيئة المكافحة وانفتاحها النسبي على الاعلام وقدرتها على «احتواء» واستيعاب الاحتجاجات والمطالب التي شهدها الشارع في قائمة الانجازات كما يمكن اعتبار نجاحها في «تسكين» الازمات وتهدئة الجبهة الاقتصادية التي تتعلق بالاسعار واختراق بعض قوى المعارضة التقليدية من خلال اشراكها في لجنة الحوار الوطني انجازات اخرى مفهومة ومقدرة.

لكن على الجانب الآخر لا يمكن فهم هذا «البطء» في حراكها نحو الاصلاح ونحو مكافحة الفساد ونحو وضع حلول عاجلة وجذرية لمشكلاتنا الاقتصادية ونحو تسكين «الحالة» ومقاربتها بحلول آنية على انه انجازات او حتى معالجات تتناسب مع المرحلة الصعبة -داخليا واقليميا- التي جاءت الحكومة من اجل مواجهتها وتجاوز اخطارها.

على صعيد اخر، كان للحكومة نصيب من «الاخطاء»، فقد اصطدمت مبكرا مع الحركة الاسلامية بعد ان «وعد» الرئيس بانه لن يكرر تجربته السابقة معها، كما انها لم تنجح في «التخلص» من عقدة التعامل مع «مواقع» النفوذ الآخر، التي ورطتها سابقا في بعض الاخطاء وربما يكون ملف «خالد شاهين» وسفره للعلاج في الخارج دليلا على ذلك، زد على ذلك انها ما تزال تمارس عملها في اطار «الحديث» عن الاشياء دون ان تدخل في اطار «التنفيذ» الحقيقي الذي يقنع الناس ويطمئنهم وهذا «الحديث» لا يقتصر فقط على «مكافحة الفساد» وانما يتجاوزه الى معظم الملفات التي تتعلق بالاصلاح واستحقاقاته.. ومن يراجع «رسالة الملك» الاخيرة للحكومة وما تضمنته من عناوين واضحة على صعيد «الاعلام والجامعات والاستثمار والقضاء.. الخ» يدرك سلفا ان ما انجزته الحكومة في هذه الميادين ما زال في حيز «الكلام» والوعود فقط.

اخيرا، من المفارقات ان من يتحرك ويتحدث هو رئيس الحكومة فقط، اما معظم الوزراء فلم نسمع لهم صوتا منذ اسابيع طويلة فيما بعضهم آثر العمل في المكتب ولم يخرج منه وبعضهم بدأ بتصريحات قوية ودغدغة عواطف الناس ثم توقف عن الكلام وبعضهم صدم مشاعر الناس بمواقف غريبة وكلام غير مناسب.

باختصار، بعد 100 يوم، يمكن لنا -في غياب النواب- ان نقطع اجازة الصمت ومهلة المتابعة والمراقبة لنسأل الحكومة ونرصد اخطاءها وانجازاتها بلا عسف ولا مجاملة.

الدستور