الحكومات البرلمانية

الحكومات البرلمانية
الرابط المختصر

يظهر جليا في هذه الأيام الفرق بين الحكومات البرلمانية (التي تشكلها الأغلبية البرلمانية) وبين الحكومات غير البرلمانية، التي تتخذ القرارات وتخط السياسات في غياب البرلمان.

فالقرارات الصعبة والتي تؤثر على الغالبية العظمى من الناس، لا يجوز أن تتخذها الحكومات في غياب مجلس النواب، أو تتخذها حكومات انتقالية؛ فالآثار السلبية لمثل هذه القرارات كثيرة وخطيرة في آن واحد.

والمثل على ذلك واضح للعيان.

فالتأثيرات السلبية والخطيرة لقرار إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية جلية، لا يستطيع أحد تجاهلها أو انكارها.

فها هي الاحتجاجات على القرار لا تتوقف، وتكاد تغطي كافة محافظات المملكة.

وليس هذا فقط، فبعض الشعارات التي تطرح وتعلن في هذه الفعاليات الشعبية والحزبية غير مسبوقة، وتجاوزت جميع الخطوط الحمر. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما امتد لتحدث أعمال شغب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.

مثل هذه القرارات الخطيرة التي أحجمت حكومات عديدة عن اتخاذها لمخاطرها، يجب أن لا تتخذها حكومات لم تنل ثقة البرلمان، وفي ظل غيابه بما يمنع محاسبتها في حال اتخذت القرارات التي تضر بالمواطن والوطن والدولة.طبعا، البعض يرى أن البرلمانات غير المنتخبة انتخابا صحيحا، غير قادرة فعليا على مراقبة الحكومات ومحاسبتها، وإنما هي تقوم بمحاباتها.

ومع أن هذا صحيح، إلا أن البرلمانات حتى لو كانت مشوهة بالتزوير، فإنها تشكل إدارة رقابة قد تأخذها الحكومات بعين الاعتبار.

فمثلا، الحكومة السابقة وجدت معارضة بدرجة ما من المجلس النيابي السابق لرفع الأسعار. وقد تكون معرفة النواب بأن أيامهم كانت معدودة بسبب إقرار قانون الانتخاب، وانتظار حل المجلس لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، قد قويا موقفهم، إلا أنهم شكلوا عقبة، كان تجاوزها سيحتاج إلى وقت وجهد حكوميين.

المهم أن الحكومة الحالية التي جاءت للإشراف على الانتخابات النيابية، فاجأت المواطنين وأقرت إلغاء الدعم على المحروقات، وها هي تجهد لإقناع الشارع بأن قرارها صائب، وأن البلد كان سيذهب باتجاه الخراب إذا لم يُتخذ هذا القرار.

وبالرغم من كل تصريحات رئيس الوزراء ومقابلاته التلفزيونية الكثيرة والتبريرات التي ساقها، فإن الشارع لم يقتنع ويواصل رفضه للقرار.كما أن قناعة الناس بقدرة الحكومة على إجراء انتخابات نيابية بدون تدخلات، تراجعت. ويبدو أن الأجواء الحالية غير مشجعة على الإطلاق لإجراء الانتخابات.

وفي حال جرت، فإن التشكيك سيطاولها إلى أقصى درجة.كان من الأجدى لو أن قرار إلغاء الدعم تُرك إلى ما بعد الانتخابات النيابية، لتتخذه، في حال كانت هناك ضرورة، حكومة يختارها النواب وتشكلها الأغلبية النيابية.

وهنا نتساءل: أليس الأجدى للبلد التراجع عن القرار، وتأجيل الانتخابات النيابية، والبدء بحوار شامل للاتفاق على آلية للخروج من الأزمة، ومنها إجراء تعديلات مناسبة على قانون الانتخاب الحالي الذي تعارضه قوى وفعاليات سياسية وشعبية كثيرة؟

الغد

أضف تعليقك