الحركة الإسلامية تفسد العرس الحكومي الانتخابي
تبنّي خيار المقاطعة دليل على اخفاق الجهود الرسمية في تبديد الشكوك.
لا مفاجآت متوقعة اليوم من اجتماع مجلس شورى حزب جبهة العمل الاسلامي, المفاجأة حصلت ليلة الخميس باعلان "شورى" جماعة الاخوان المسلمين مقاطعة الانتخابات النيابية. كان معروفا لدى المراقبين ان قواعد الحركة الاسلامية تؤيد في غالبيتها الساحقة المقاطعة, لكن الأوساط الرسمية كانت تراهن على "حكمة" بعض قادة الاخوان المسلمين في ترجيح كفة المشاركة. غير ان التصويت في مجلس الشورى جاء مغايراً للتوقعات ولاول مرة منذ سنوات ايّد ما يعرف برموز تياري الحمائم والصقور توصية "القواعد" بمقاطعة الانتخابات. ومن المتوقع ان يؤيد "شورى" حزب العمل الاسلامي في اجتماعه اليوم توصية "الاخوان" بالمقاطعة. وبعد هذه المرحلة يصبح القرار قطعياً.
بعد اقرار قانون الانتخاب المؤقت ساد انطباع لدى اوساط سياسية واسعة بأن الصيغة المعتمدة في القانون اكثر ما تلائم مرشحي الحركة الاسلامية وتمنحهم فرصة الفوز بمقاعد تزيد على العشرين وعلى هذا الأساس توقع مسؤولون ومراقبون ان يندفع الاسلاميون للمشاركة في الانتخابات بحماس شديد ثم تبين ان الاسلاميين ليسوا مستعدين بعد لتجاوز جراح الانتخابات السابقة وما تلاها من اجراءات حكومية ضدهم وصفها قادة الحركة "بالحصار" يضاف الى ذلك ادراك الحركة الاسلامية بان المزاج الشعبي السلبي بلغ ذروته في الفترة الاخيرة ولم يعد بالامكان تجاوزه عند التفكير بموضوع الانتخابات. ولا شك ان قرار الاسلاميين يأتي منسجما مع توجه اطراف وجماعات عديدة غير حزبية يدعو للمقاطعة منذ وقت مبكر, ولا يستبعد ان تحذو احزاب في المعارضة حذوا الاسلاميين مما يعطي خيار المقاطعة زخما واسعا في الشارع ويؤثر بشكل مباشر على نسبة الاقتراع في الانتخابات المقبلة.
في الاعراب السياسي يعد قرار الاسلاميين بالمقاطعة مؤشرا على اخفاق الحكومة في اقناع القوى السياسية والمجتمعية بجدوى المشاركة ودليلا اضافيا على ان الجهات الرسمية لم تبذل الجهد الكافي لتغيير المناخ السياسي السائد وتهيئة الأجواء المناسبة للمشاركة. فكل ما قامت به من حملات وما اطلقته من تصريحات لم يبدد المخاوف والشكوك.
كما يساهم القرار بتعميق الفجوة بين الحكومة والحركة الاسلامية ويدفع بالعلاقة الى القطيعة السياسية بين الطرفين.
وتكلفة المقاطعة لا تقع كلها على عاتق الحكومة فالاسلاميون سيخسرون بهذا القرار موقعا رئيسياً للعمل السياسي اضافة لخساراتهم السابقة, وبحكم طبيعة الحياة السياسية والحزبية في الأردن لن يكون أمام "الحركة" طريق لتحويل المقاطعة الى فعل سياسي.
وبهذا المعنى فان الخيار الذي تبنته الحركة الاسلامية لن يحدث أي فرق على مستوى المصالح الخاصة للحركة أو على صعيد الحياة السياسية في البلاد. كل ما في الأمر ان الحركة الاسلامية تفسد "عرس" الحكومة الانتخابي وتفقد السباق المنتظر عنصر التشويق.