الجهل بحد ذاته ليس عيباً

الجهل بحد ذاته ليس عيباً

الأمر المخجل والمخزي والمعيب والذي لا يمكن قبوله أو احترامه أو التعايش معه هو الإصرار على رفض المعلومة بعد أن تكتشف أنك جاهلاً بها...

هذا هو عدونا الأزلي؛ ليس الجهل نفسه، بل الإصرار المتعمد على عدم المعرفة...

مثلاً، أغلب الذين يدافعون عن "شيخ الإسلام" ابن تيمية لم يفكروا أن يقرأوا له حرفاً من موسوعته التكفيرية الدموية التي تدعو إلى قتل نصف الكرة الأرضية، ولا يعرفون شيئاً عن حياته أو عن مماته إلا ما يتم تلقينه لهم...

وأغلب الذين يقدسون البخاري ومسلم كـ"أصح صحيحين بعد القرآن" لم يحاولوا أن يفتحوا في حياتهم هذه الكتب ليقرأوا حجم ونوع وطبيعة الإفتراءات على نبي الرحمة والخلق العظيم في الكثير من أحاديث "قال فلان عن علَّان" التي تم جمعها وتدوينها بعد أكثر من مئتي عام على وفاته...

قبل ظهور الإنترنت، قد أعذر الذين كانوا يصَدَّقون ما يقوله لهم شيوخهم ولم يفعلوا كما فعلت بنفسي قبل أكثر من سبعة وعشرين عاماً، عندما ركبت تكسي إلى وسط البلد واشتريت المجلدات الكاملة لصحيحي البخاري ومسلم لأتعرف بعيني على ما تحتويه هذه الكتب، ولا زلت أحتفظ بتلك النسخ...

أما اليوم، مع توفر كل معلومة يمكن أن تتخيلها في هذا الكون بـ"نقرة ماوس"، فلا عذر إطلاقاً بعدها للمدافعين دون علم وللمناكفين عن جهل، إذ لا شيء في هذه الدنيا يمكن أن يخرب المجتمعات كما يدمرها الكسل الفكري والبلادة الذهنية واستسهال الحكم على الأمور دون تكليف النفس عناء التقصي عن الحقيقة...

ولذلك، أرجوك لا تأخذ بكلامي، وأنا لا أريدك أن تقتنع برأيي، بل ناقشني واختلف معي وفند كل حرف أقوله، ولكن أتوسل إليك، أقل ما فيها، أضعف الإيمان، احترم ما تدافع عنه بأن تقرأ وتطالع وتثقف نفسك عن الموضوع الذي عينت نفسك حارساً له وجندياً تحارب الناس وتكفرهم من أجله...

الشتّامون التكفيريون هم المفلسون، وألفاظهم لا تعبّر إلا عن تربيتهم وعن أخلاقهم وتثبت للناس انعدام حجتهم، وهم كلما ازدادوا شتماً، كلما ازددنا إصراراً على تنقية سيرة نبي الإسلام ودينه السمح من الافتراءات ومن التجني ومن التشهير...

أضف تعليقك