التطاول والاساءات نقيض لسلمية التعبير

التطاول والاساءات نقيض لسلمية التعبير
الرابط المختصر

واحدة من اهم ميزات الحالة الاردنية ان كل ما جرى ويجري حتى الان نظيف بلا دماء, وان كل الحراك السياسي يتم بطريقة حضارية, فمن يريد التعبير من حقه هذا, وواجب الامن الذي يقوم به باقتدار ومهنية حماية حق اي جهة في التعبير ورفع صوتها السياسي بكل ما تريد, وهذا جعل النموذج الاردني محل تقدير واشادة في الداخل والخارج.

ولان هدف الحراك هو الاصلاح فان مضمونه يجب ان يبقى سياسيا رفيعا وبلغة سياسية قادرة على ان تحمل الرسالة, وهذا نجده لدى القوى السياسية والشعبية, ونعتقد انه امر ايجابي لاننا في الاردن لم نختلف على ضرورة الاصلاح حتى وان اختلفنا على تفاصيل, وكلنا نتحدث لغة واحدة مؤمنة بالاصلاح, بل وقطعنا خطوات كبيرة تحتاج الى استكمال البناء عليها وهذا ما ندعو اليه جميعا.

لكن ربما علينا جميعا وبخاصة القوى السياسية وجهات الحراك التي نحترمها ونقدرها ان تنتبه الى امر مهم وهو الحفاظ على اللغة السياسية الرفيعة البعيدة عن اي مصطلحات او كلمات لا تليق بالاردن ولا قواه السياسية ولا قيادته, وان يكون اهل العمل السياسي مدركين لاهمية ان تكون كل المضامين وحتى الكلمات التي يطلقها بعض الافراد في مستوى الاداء السياسي نفسه , لان اجواء العمل الميداني تغري بعض الافراد ان يطلقوا بعض الكلمات غير المناسبة التي تُحَمِل الحراك السياسي وزرا لا تريده بل ويكون احيانا له اثر سلبي.

وكما اشرت في مقال سابق فان هناك فرقا بين الخطاب السياسي الذي يتم بسقف مرتفع وحرية تامة وبين اي اساءة تطال مؤسسة الحكم وشخص جلالة الملك, لان الوصول الى مرحلة يتعمد فيها البعض ولو كانوا افرادا الاساءة للملك يخرج الامور الى سياق مختلف, ويتحول موضوع الاصلاح الى مسار اخر يخص من يتحدثون به, بل ويمكن اعتباره اما حالة سياسية يريد البعض استدراج الحراك لها, او استخداما من بعض الافراد لمصطلحات وكلمات غير مقبولة.

الحرص على الحراك والحالة السياسية يدعونا للحفاظ عليه من الانزلاق الى الاساءة او استخدام الفاظ لا تليق او اطالة اللسان ويجب ان نبقيه حراكا سلميا حتى في كلماته ولغته, لان العنف ليس فقط في الادوات والسلاح بل ايضا في الخطاب والكلمات, ومادامت الاجواء تعطي للقوى السياسية الحرية في التعبير بسقوف مرتفعة تمكنها من قول ما تشاء فانه لاضرورة للسماح بتسلل اي مصطلحات او كلمات او عبارات لا يقبل اي منا ان توجه اليه فكيف نقبل باستعمالها في سياق لا يخدم.

ولعل كل حريص على الاصلاح وحرية التعبير معني بالتوقف والتعامل بحذر مع امرين خطيرين لا يجوز السماح باستمرارهما, الاول العنف باستخدام الكلمات والاساءات والتطاول, والامر الثاني حادثة محاولة اختطاف الشرطي والاعتداء عليه بالضرب, لان تطور اشكال العنف سريع واذا سمحنا جميعا لهذين الامرين بالاستمرار والاتساع فاننا نفتح الباب امام تهديد لسلمية الحراك والمطالبة بالاصلاح.

وحتى لو كان اي شكل من العنف اللفظي او غيره صادر عن افراد لا يمثلون الا انفسهم وبعضهم اعلن الامن العام القبض عليهم الا ان الاجراء الفوري ان نرفض كلنا العنف باشكاله ومستوياته لان هذا يهدد المسار السلمي لكل ما تم وما سيتم

في ساحتنا اليوم مخلصون يريدون الاصلاح ويخرجون للتعبير عن ارائهم, وهناك من يريد من المرحلة ان تحمله للسلطة, وهناك افراد لا علاقة لهم بالعمل السياسي وهناك اخرون يفرحهم ان يجدوا اردنيا يستعمل كلمات مسيئة بحق مؤسسة الحكم لانهم يعلمون ما معنى ذلك سياسيا ووطنيا.

لا خلاف على الاصلاح وحق التعبير فهذا اصبح من بديهيات الحالة العامة لكن من واجب كل حريص على الاصلاح ان يحافظ على اي نوع من الحراك من العنف اللفظي لان التطاول والاساءات جزء من العنف مرفوض مثلما نرفض جميعا اي عنف من اي جهة رسمية تجاه اي مواطن.

العرب اليوم

أضف تعليقك