التشكيل واتساع مطالبات الكتل البرلمانية
افهم - في سياق المشاورات التي لم تنته بعد لتشكيل الحكومة - ان تطالب الكتل البرلمانية «بحصتها» في الوزارة، وان تنسب من الاسماء ما تراه مناسبا، وان تشترط - ايضا - وزارات بعينها، لكن ما لا افهمه هو تدخل بعض الكتل والنواب على خط «الوظائف» العليا في الدولة، كأن يطالبون بعدد من مقاعد مجلس النواب، او «كراسي» الامناء العامين او السفارات.. وكأننا امام حفلة «لاقتسام» المواقع والوظائف، وترضية المحاسيب والاصدقاء والداعمين.
لا اعتقد ان الرئيس المكلف سيخضع لهذا المنطق الغريب في التعامل مع «المشاورات» وكأنها فرصة «للكسب» حتى لو علّق السادة النواب المطالبين «ثقتهم» به على اساس «المقايضة» او «الدفع» قبل «رفع الايدي» بالتأييد.
المشاورات - اساسا - تتعلق بتشكيل الحكومة، ولا يجوز ان تمتد لتشمل «مواقع» اخرى الا اذا كان المقصود منها هو «ارضاء» النواب بما تيسر، واذا مرّت هذه «الوصفة» فسنكون امام حالة «غريبة» في بلدنا، بموجبها سيصبح من حق كل نائب ان يكون له نصيب في «كعكة» الوظائف، وسيصبح المجلس - لا الحكومة - هو المسؤول عن اداء هؤلاء المسؤولين واخطائهم، دون ان يكون قادرا على مراقبتهم اومحاسبتهم.
من المفارقات ان بعض الكتل قدمت «شروطا» للمشاركة في الحكومة. لكنها لم تتلق ردودا عليها من الرئيس «المكلف» ومع ذلك بادرت الى تنسيب اسماء «مرشحيها» للمشاركة.
الغائب في موضوع المشاورات هو «المواطن» وقضاياه، فالكتل البرلمانية انشغلت بالتفاوض على «المواقع» فيما ظلت هموم الناس وقضاياهم خارج «التغطية» واعتقد ان اهم ما كشفته هذه المشاورات هو اتساع مسافة «الثقة» والانشغال بين النخب والناس، وهذا ما سينعكس سلبيا على البرلمان الذي يدفع بعض اعضائه الى استعادة ثقة «ناخبيهم» . وعلى تشكيلة الحكومة القادمة التي لا نظن ان رئيسها سيضطر الى تمرير «رغبات» النواب على حساب ما يفترض ان تعكسه من كفاءة وصدقية وثقة شعبية. وهذا ما اكده دائما.
ويبقى اننا سنكون امام اسبوع قادم، وربما حتى تنتهي المشاورات مما يطرح سؤال التأخير وعلاقته بتركيبة الحكومة وعلاقتها مع مجلس النواب ومع «التغييرات» المتوقعة على بعض المواقع المهمة في الدولة.
الاجابات لا تبدو متاحة الان، لكن من المؤكد ان عيون الشارع ما زالت مفتوحة بانتظار النتائج، وكل ما نتمناه ان نقدم صورة جديدة تتناسب مع التحديات التي تواجه بلدنا، ومع مطالب الناس التي تتصاعد. وحالة «اللايقين» التي ولدت المزيد من الاحتقان.
الدستور