البلديات.. ازمة تهدد بتقويض مسار الإصلاحات
خارطة الطريق التي أعلن عنها الملك تواجه تحدياً خطيراً .
تحول الأمر برمته إلى ما يشبه المزاد, من يضغط اكثر يحصل على بلدية. الحكومة وكما يبدو لم تكن تدرك المعطيات على الارض عندما فتحت طرف الباب لاستحداث بلديات جديدة, فهجم الجميع من كل الاتجاهات وما كان امامها الا ان تفتح الباب على مصراعيه, فبدأت بإصدار الموافقات بالجملة.
لا تبدو في الافق نهاية لهذا المزاد, وقد نبلغ يوم الانتخابات الذي مازال مجهولا والاعتصامات مستمرة, فبعد كل وجبة من الاستحداثات ترتفع اصوات جديدة تطالب بالانفصال وهكذا حتى نصل في نهاية المطاف الى استحداث بلدية لكل حارة وحي.
لم نشهد من قبل سوء ادارة في الدولة كما نشهد الان, نخرج من ازمة لندخل في ازمة اكبر, وفي عز الحاجة للعمل كفريق واحد نعمل كفرقاء متناحرين, فوضى في الاداء, وعجز عن التنبوء بالازمات, وشلل يضرب خلية التفكير في الدولة بحيث تبدو غير قادرة على ادارة ملف فني كملف البلديات.
الكارثة ان هذا يحدث في مرحلة حساسة كان من المفترض وبعد اقرار الدستور الجديد ان يكون عنوانها استعادة الثقة اللازمة لولوج مرحلة جديدة في حياتنا السياسية.
كيف للاردنيين ان يُقبلوا على المرحلة الجديدة ويثقوا بوعود الاصلاح وسط حالة التخبط التي نعيشها?
كنا نعتقد اننا على وشك عبور الازمة واذ "بهم" يعيدوننا الى المربع الاول.
بصراحة اكثر, خارطة الطريق للاصلاحات التي اعلن عنها الملك تواجه تحدياً خطيرا اليوم اذا لم يجر التصدي لمعالجته, فأنه سيقوض الخطة من أساسها.
بعد اقرار التعديلات الدستورية كان ينبغي الشروع فورا بحوار مع القوى السياسية والشعبية القائمة على الحراك والوصول الى توافق وطني على مهمات المرحلة المقبلة, بدلا من ذلك لجأت الحكومة الى التصعيد وافتعال الازمات ثم تورطت في ملف البلديات وبدا للمراقبين منذ الان ان الانتخابات البلدية التي اريد لها ان تكون بروفة مثالية لانتخابات نيابية مختلفة عن سابقتها تتحول منذ البداية الى ازمة تنذر بأزمة وطنية كبرى تتبدى ملامحها في شعارات الحراك الشعبي.
العرب اليوم