البخيت يقلب المعادلة

البخيت يقلب المعادلة
الرابط المختصر

اعطى المصالح الأردنية الأولوية في أي حل للقضية الفلسطينية .

مقاربة جديدة للسياسة الأردنية تجاه القضية الفلسطينية. بهذه الكلمات يمكن لنا ان نصف محاضرة رئيس الوزراء معروف البخيت في نادي الملك حسين أمس الأول.

الجديد في مقاربة البخيت هو اعتماد المصالح الاردنية العليا اساسا ومنطلقاً للسياسة الرسمية تجاه التطورات المحتملة على الملف الفلسطيني بعد اعلان "السلطة" عزمها الطلب من مجلس الأمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هذا العام.

لا نعرف على وجه التحديد الأسباب التي دفعت رئيس الوزراء الى الشعور بالقلق على القضية الفلسطينية والمصالح الاردنية في هذه المرحلة التي تشهد تحولات عميقة في البيئة الاقليمية والدولية.

لكن المهم في المحاضرة ان البخيت قلب معادلة السياسة التقليدية الاردنية تجاه القضية الفلسطينية التي كانت تعطي الاولوية لاستئناف المفاوضات وصولا الى "حل الدولتين" على حساب العناوين الاخرى واستبدلها بمعادلة جديدة تضع المصالح الاردنية شرطا لقبول أي حل.

المصالح الاردنية وفق تعريف البخيت هي ضمان حق اللاجئين في العودة والتعويض والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية, وبهذا المنطق يمكن القول ان البخيت تجاوز مبادرة السلام العربية خاصة فيما يتعلق بالموقف من حق العودة, وقال بوضوح لا يقبل التأويل: ان "دولة فلسطينية من دون ضمان حق اللاجئين في العودة والتعويض, ومن دون القدس, ليست الدولة الفلسطينية المنشودة", وزاد: "كما انها لاتصلح ابداً مآلاً للمشروع الوطني الفلسطيني, وعلى العكس من ذلك فستكون هذه بمثابة صيغة تقود للتصفية المباشرة وعلى طريقة الاغتيال للمشروع الوطني الفلسطيني".

المحاضرة التي جاءت عشية توقيع اتفاق المصالحة الفلسطيني في القاهرة حملت ما يمكن وصفه رسائل تحذيرية للأطراف الفلسطينية والاسرائيلية والدولية.

البخيت حذر القيادة الفلسطينية من التنازل عن حقوق اللاجئين, وذَكّرهم بأن جزءا كبيرا منهم مواطنون اردنيون و"الحكومة مسؤولة بكل معنى المسؤولية بالدفاع عن حقوق مواطنيها" وطالبهم "باستراتيجية واضحة تعزز الموقف الفلسطيني" و"تضمن حقوق كل الاطراف ذات الصلة بملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي".

وللأسرائيليين قال البخيت: ان الاردن مثلما انتصر عسكريا على الآلة العسكرية الاسرائيلية سيواجه "وعلى كل صعيد" المخططات والمحاولات الاسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية او التعدي على المصالح الأردنية.

ودعا امريكا الى "استخلاص الدروس مما يحدث في العالم العربي وقراءة الموقف وهذه اللحظة التاريخية بشكل سليم".

السؤال الذي ثار في اذهان الكثيرين بعد المحاضرة هو: هل ما قاله البخيت يمثل وجهة نظره أم هو موقف رسمي للحكومة?.

من البديهي ان لا يتحدث البخيت وهو رئيس الوزراء بصفته الشخصية, فهي اذا سياسة رسمية, لكنها في اعتقاد الكثيرين ليست معتمدة او على الأقل لم تترجم الى ممارسة سياسية ملموسة بعد, وهذا مكمن التحدي.

في حوار جانبي مع رئيس الوزراء بعد المحاضرة اقر البخيت بان ما تحدث به هو مجرد خطوة في اطار استراتيجية متكاملة ستتبعها خطوات اخرى.

اعتماد مقاربة البخيت الجديد يستدعي بالضرورة تغييرا جوهريا في خطاب السياسة الخارجية وسلوكها ومواقفها ولهجتها الدبلوماسية. ولهذا لم يكن مفهوما ابداً مستوى التمثيل المتواضع للاردن في احتفال المصالحة الفلسطينية بالقاهرة, ولن يكون مفهوما استمرار مقاطعة حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية او حصر العلاقة بالمستوى الأمني.

ان المواقف التي اعلنها البخيت في محاضرته تشكل اساسا قوياً لاجماع وطني اردني ينزع الألغام من طريق عملية الاصلاح السياسي في الداخل ويفتح الباب أمام دور جديد للأردن في المنطقة ويؤسس لعلاقة صحية واضحة مع مختلف التيارات الفلسطينية بما فيها السلطة الفلسطينية.

العرب اليوم