الانتخابات النيابية .. ملاحظات اولية
الدولة سعت الى ثلاثة اهداف فهل حققتها?
لم يخف رئيس الوزراء ونائبه وزير الداخلية وعدد من الوزراء شعورهم بالفرح وهم يتابعون العداد على شاشة الاقتراع يسجل نسبة مشاركة تجاوزت الخمسين بالمئة, وعند اللحظة التي اغلقت معها الصناديق صفقوا بحرارة وتبادلوا التهاني كما اعتبروا اجراء انتخابات نزيهة نجاحا وبنسبة مشاركة جيدة وفشلا لتيار المقاطعة.
اذا كانت نزاهة الانتخابات امرا في يد الحكومة فان المشاركة ليست كذلك ولهذا ظلت الحكومة حذرة في تصريحاتها بهذا الخصوص واستبقت احتمال مشاركة منخفضة بالقول ان ما يهمها بالدرجة الاولى هو النزاهة لا نسبة المشاركة.
ثلاثة اهداف سعت الدولة الى تحقيقها في الانتخابات, ان تكون نزيهة اولاً ويشارك فيها اكبر عدد ممكن من الناخبين ثانيا, وثالثا هو هدف مهم وهو مسح صورة الانتخابات السابقة من ذاكرة الاردنيين واستعادة الثقة بالعملية الانتخابية ومؤسساتها وتحقيق ذلك كان يتطلب حضور وجوه جديدة في المجلس تحل مكان سابقين ارتبط فوزهم بالتزوير والتدخل.
لا يمكن لمراقب ان يتوقع انجاز ذلك كله من دون تدخل في العملية الانتخابية لرفع نسبة المشاركة من جهة وتوجيه الدعم لمرشحين جدد من تيارات وسطية ومعارضة تملأ الفراغ بدل القوى الغائبة عن الانتخابات. لكن الحكومة ظلت تؤكد منذ الساعات الاولى للاقتراع ان الانتخابات ستكون نظيفة بالكامل. ومع انتهاء العملية برمتها صار بوسعها ان تبرز في وجه المشككين تقارير هيئات المراقبة التي لم تسجل انتقادات جوهرية تمس حيادية الحكومة. وجاءت النتائج النهائية للانتخابات لتؤكد ايضا ان تغييرا ملموسا حدث في تركيبة المجلس كانت الغلبة فيه للوجوه الجديدة كما حملت النتائج تنوعا سياسيا واجتماعياً لم يكن موجوداً في المجلس السابق.
وبشأن نسبة المشاركة تكررت الحالة نفسها التي شهدتها انتخابات سابقة والتي تتمثل بعزوف الاردنيين من اصل فلسطيني في العاصمة والزرقاء عن المشاركة فيما أقبلت المحافظات في الوسط والشمال والجنوب على التصويت بالكثافة المعهودة.
لكن الفارق هذه المرة ان المشاركة الكثيفة امتزجت مع عنف غير مسبوق على حالة التوتر المجتمعي السابقة في البلاد في السنوات الاخيرة.
الصورة في الجانبين تبدو مقلقة وتطرح اسئلة محرجة لا يمكن القفز عنها في المستقبل.
الانقسام حول نزاهة الانتخابات سيظل قائما خلال الفترة المقبلة ورغم محاولات الحكومة حسم هذه المعركة مبكرا والتأثير المباشر على تقارير جهات الرقابة المحلية والدولية الا ان التجربة السابقة وان كانت في طريقها للزوال فان رواسبها ستظل حاضرة خاصة مع استمرار الجدل حول نتائج الانتخابات التي جرت وفق نظام لم يسبق تطبيقه.
للمشهد الاخير تداعيات واستخلاصات كثيرة وكل ما أثرناه حولها مجرد ملاحظات اولية تحتاج الى تحليل تفصيلي ومبوب في الايام المقبلة.
span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span