الإعلام والنواب: التفاهم لا يحتاج إلى مذكرات

الإعلام والنواب: التفاهم لا يحتاج إلى مذكرات
الرابط المختصر

علاقة الاعلام مع مجلس النواب لا تختلف عن علاقته مع أية سلطة اخرى ، فهو يمارس مهمته في ظل تشريعات ومواثيق شرف تلزمه التعامل بموضوعية ومهنية مع الخبر مهما كان مصدره ، وتتيح له حرية المراقبة والنقد وابداء الرأي فيما يتعلق بالشأن العام بعيداً عن الحسابات الشخصية او الاعتبارات الخاصة.

تجربتنا الاعلامية ، كأية تجربة ، ليست محصنة تماماً من الخطأ ، لكنها في المجمل ظلت ملتزمة بأخلاقيات المهنة ، واستطاعت - في مراحل عديدة - ان تسد فراغات كثيرة في مشهدنا السياسي العام ، وان تتصدى لقضايا عديدة ثبت - اخيراً - ان الاعلام كان في معالجتها على طريق الصواب ، ولم تكن تجربة الاعلام مع مجلس النواب - تحديداً - مختلفة عن تجاربه مع الحكومات المتعاقبة ، فقد احتكمت - في الغالب - لمنطق الاداء وهذا منطق يعتمد على تقييم الحدث والتعامل معه وفق اعتبارات مهنية ، لكن يبدو ان هذا المنطق لم يعجب البعض في المجلس السابق ، فحدث ما حدث من اشتباكات أضرت بالطرفين معاً ، وتولدت لدى بعض اخواننا النواب هواجس غير مفهومة من الاعلام ، رغم ان الاعلام لم يخرج عن اطار مهمته ، ولم يمس هيبة المجلس ، وانما نقل للرأي العام ما يدور في الجلسات ، وهو ما لا يستطيع ان يحجبه عنهم اطلاقاً.

الآن ، ثمة حديث يدور في أروقة مجلس النواب عن مذكرة تفاهم لضبط العلاقة بين المجلس والاعلام ، واذا كانت الحكومة قد سبق لها وأشهرت مثل هذه الوثيقة مع الاعلام ، فان ثمة اعتبارات عديدة تجعلنا - كصحفين - نتحفظ على قيام مجلس النواب - تحديداً - بمثل هذه الخطوة ، من هذه الاعتبارات ان الصحافة تعمل في اطار تشريعات اقرها مجلس النواب ، وبمقدوره ان يعدلها متى شاء ، والاحتكام الى التشريعات - بالطبع - اهم وافضل وأجدى من الاحتكام لمذكرات التفاهم ، ذلك ان بمقدور أي طرف ان يلجأ الى القضاء اذا ما اكتشف أن الطرف الآخر قد تجاوز عليه او أساء اليه.

من الاعتبارات ان مجلس النواب ، بخلاف الحكومة ، هو خيار الناس وافرازهم ، وهو يمثلهم ايضا ، وبالتالي فان من حق هؤلاء ان يراقبوا اداءه ، وان يتابعوا ما يدور فيه ، وما يتخذه من قرارات ، ولا يمكن ان يتحقق ذلك دون وجود اعلام مهني وموضوعي غير مقيد بأية شروط او تفاهمات.

من الاعتبارات ايضا ، ان مذكرات التفاهم - في الغالب - تتم بين مؤسسات تعمل في ميادين متشابهة ، وهدفها هو تنسيق العمل ، او الاتفاق على تيسير التعامل والتبادل ، أما في حالتنا فان الاعلام والبرلمان سلطتان لكل منهما دوره ووظيفته ، والعلاقة بينهما ليست تنسيقية او اجرائية ، وانما علاقة ندية: المجلس يراقب اداء الحكومة ويصدر التشريعات والاعلام يتابع اداء المجلس ويراقبه ويعكس - ايضاً - مدى رضا الناس عليه او نقدهم له.

يمكن - بالطبع - فهم مذكرات التفاهم هذه في اطار تسهيل مهمة المندوبين الاعلاميين الذين يتعاملون مع المجلس ، اما ان تُعمم على الجسم الاعلامي كلهن فهذا يعني انها تتعدى مسالة التفاهم الى الضبط او ان شئت اللجم ، حيث يصبح الاعلام خادماً للبرلمان ومستخدماً لديه ، بدل ان يكون شريكا ونداً ورقيباً.. وفق كل ما تنص عليه التشريعات والادبيات والممارسات في عالمنا الذي اصبح فيه الاعلام سلطة يحسب لها الف حساب.

من مصلحة مجلس النواب ، ان يدعم الاعلام وان يدفعه لممارسة حريته التي كفلتها له التشريعات ، لا ان يحاصره او ان يفترض فيه سوء النية.

span style=color: #ff0000;a href=http://www.addustour.com/Default.aspx target=_selfالدستور/a/span

أضف تعليقك