الإسلام والدولة

الإسلام والدولة
الرابط المختصر

وصلني عبرالبريد كتاب جديد كهدية ، ويأتي فيه الوزير السوداني السابق الشيخ النيل ابوالقرون ، بنصوص "صادمة للوعي" تعيد قراءة التاريخ والتفسيرات ، وهو كتاب يستحق القراءة بعمق مثنى وثلاث ورباع.

كتاب "الاسلام والدولة"يحوي عدة مُطالعات هامة ، ابرزها معالجة الكاتب لبعض الاحاديث في صحيح البخاري وفي كتب اخرى ، ومنهج الكاتب يدافع عن الرسول مما يعتبره مسا بمقامه ، كمعالجته للحديث الذي يشير الى ان رزق الرسول تحت رمحه ، وُيفند الشيخ هذا النص ، معتبرا ان قدر الرسول اعظم واهم بكثير من هكذا نص ، لايليق ان يتم إلصاقه برسول الله ، خصوصا ، ان النص يستخدمه الغرب اليوم لمهاجمة المسلمين واثبات انهم على صلة بالارهاب بشكل او اخر ، وفي هذا الباب يورد الكاتب اسانيد وتفسيرات كثيرة تنقض نص الحديث ، وتعتبره غير صحيح ، لان قدر الرسول ودعوته لاتسمح بإيراد نص من هذا القبيل على لسانه.

في باب اخر يتحدث الكاتب عما نسميه نحن غزوات الرسول ، وهو يدفع عن الرسول صفة الغزو ، ويقول محللا وشارحا ان اغلب الحروب كانت دفاعية عن المؤمنين ، وهي لم تكن غزوات ، لان الغزوة تكون هجوما ، ويتطرق الى المعارك الاساسية مثل بدر واحد والخندق ليثبت انها حروب دفاعية ، وان الاسلام لايهاجم الاخرين ، بل ان الكاتب يمتد الى حديث اخر يتعلق بما قيل على لسان رسول الله حول انه أُمر بأن يقاتل الناس حتى يقولوا لااله الا الله ، ويشير الى ماينفي ذلك ، معتبرا ان مشهد دخول مكة كان دليلا على ان الرسول لم يتدخل في قناعات الناس ، وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء ، وعلى اساس قاعدة ربانية اخرى تشير الى حق الانسان في الكفر وفي الايمان.

يتحدث الكاتب ايضا عما يثبته بكون الاسلام رسالة ودعوة ، وليس دولة ، وان الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بدعوة ، ولايصح ان نعتبر وفقا لرأيه ان الرسول جاء بدولة ، اضافة الى انه يعتبر رأي من يقول ان من خلف الرسول هم من اكملوا انشاء الدولة فيه مساس بمقام الرسول وكأنه لم يتمكن من اكمال الدولة فأكملها من بعده ، متطرقا الى ان مايسمى "الفتوحات الاسلامية" ليس فتوحات كما هو متعارف عليه ، بل استعمار عربي ، لدول كثيرة ، مشيرا في ذات الوقت الى ان الدولة يجب ان تكون مدنية ، ولايوجد مايسمى دولة اسلامية ، والدولة المدنية ايا كان اسمها تطبق الحدود والشرائع الاسلامية ، غير انها تبقى دولة مدنية في كل الاحوال.

يتطرق الكتاب الى قضايا اخرى حساسة جدا ، مثل تعريف "الذين امنوا" والمشترك بين المؤمنين والمسيحيين واليهود ، وتعريف الجميع باعتبارهم مسلمين ، بالاضافة الى قضايا اخرى تتعلق بخلافة علي ، ويعتمد الكاتب في معالجته مبدأ عصمة الرسول ، والذي يجعله يقول ان من المفارقات ان يقال عن سيدنا عمر رضي الله عنه ان الشيطان كان يخافه ويبتعد عن طريقه ، فيما كان يقال ان للرسول قرين ، وان الشيطان حاول ايذاء الرسول ، متسائلا هل يصح اظهار الرسول بهذه الصورة ، فيما عمر يخافه الشيطان،،.

الكتاب صادم بكل المعاني ، وهو يستحق جدلا محترما وردا على الكلمة بكلمة والحجة بحجة ، لان مافيه من معالجة جديد علينا ، وسط الاف المعالجات التي تأخذنا باتجاه محدد ، دون ان يعني ذلك موقفا مسبقا ، فكل مايهمنا هو الانارة على عقولنا ، بتثبيت الحقائق المعروفة او اعادة مراجعتها على اساس من حسن النوايا ، وخدمة الدين اولا واخيرا.