الإسلاميون في الخيمة وداعش إلى الشارع

الإسلاميون في الخيمة وداعش إلى الشارع
الرابط المختصر

لم يكن لأحد من المراقبين أن يتوقع بأن يشذّ مسؤول رفيع المستوى في الدولة بوزن رئيس مجلس النواب عن سرب المقاطعة الرسمية لمؤتمر حزب جبهة العمل الإسلامي الذي عقد أمس. لكن المهندس عاطف الطراونة فعلها؛ حضر جلسة افتتاح المؤتمر، والقى كلمة متوازنة، ومسؤولة، انتقد فيها بعض مواقف الإسلاميين وسياستهم، وأشاد بمساهماتهم في الحياة السياسية الأردنية.

لقد فرضت الدولة طوقا من العزلة على مؤتمر الإسلاميين ولم تسمح لهم بعقده في مرفق عام أو خاص، مادفعهم إلى تنظيمه في خيمة نصبت في ساحة عامة.

لكن مشاركة رئيس مجلس النواب في المؤتمر تعكس في أحد وجوهها تباينا في مواقف أركان الدولة من قرار منع عقد المؤتمر، وأكثر من ذلك علاقة الدولة بالإسلاميين عموما.

ليس مؤكدا بعد ما إذا كانت مقاطعة الحكومة للمؤتمر ورفضها السماح بعقده في قاعة رسمية تعبيرا عن سياسة جديدة أكثر تشددا تجاه الإسلاميين أم لا.

المؤشرات في هذا الصدد متناقضة؛ فقبل أسابيع فقط كانت هناك لقاءات ثنائية بين وزير الشؤون السياسية والبرلمانية وممثلين لحزب جبهة العمل الإسلامي. الوزير خالد الكلالدة زار الحزب في مقره، وقادة منه حضروا اجتماعات في الوزارة. أما رئيس الوزراء، فرغم عدم تفاعله مع الإسلاميين، إلا انه لم يطلق تصريحات معادية بحقهم.

الشيء المؤكد أن هناك خلافا في وجهات النظر في أوساط المسؤولين بشأن الموقف من مؤتمر الحزب، عبّر بعضهم عنه بصوت خافت في الغرف المغلقة.

لكن من المبكر القول إن تطويق المؤتمر دليل كاف على تغير جوهري في مقاربة الدولة حيال الإسلاميين. هناك شعور بالغضب والاستفزاز من مواقف الإسلاميين إزاء بعض القضايا، وتصريحات رموز قيادية في الحركة الإسلامية، دفعت بأصحاب قرار إلى الرد عليها بنفس الطريقة. يضاف إلى ذلك أجواء إقليمية غير مواتية، تحد من هامش المناورة في العلاقة مع الإسلاميين.

هذه الاعتبارات على أهميتها هي التي تقف خلف سياسة التشدد التي تنتهجها الدولة بحق الإسلاميين. لكن ليس متوقعا ان تذهب أبعد من ذلك في المستقبل.

بيد أن المتغير التكتيكي في العلاقة مع الإسلاميين جاء في ذروة صعود التيارات الإسلامية المتطرفة في المنطقة وفي الأردن أيضا. ففي الوقت الذي تعذر فيه على تيار معتدل كحزب جبهة العمل الإسلامي أن يعقد مؤتمره في قاعة فندق، كان غلاة المتطرفين من أنصار"داعش" يتظاهرون بحرية في معان، ويرفعون شعارات ورايات تنظيم مصنف على قائمة الإرهاب في الأردن.

مثل هذه التطورات تضفي مزيدا من الغموض على سياسة الدولة تجاه تيارات الإسلام السياسي بكل تلاوينها، وتطرح أسئلة مشروعة حول توجهات تبدو للمراقب متناقضة وغير مفهومة.

تراجع بريق الإخوان المسلمين في الشارع بعد نكسة مصر، لكن سؤالا ظل يشغل بال المحللين: من يملأ الفراغ الحاصل ومن هي الجهة التي تتقدم لاحتلال المساحات الفارغة؛ الدولة أم التيارات الأكثر تشددا من أمثال "داعش" و"لنصرة"؟

حسب المؤشرات الأولية المسجلة في أكثر من مدينة أردنية، التشدد يربح والدولة تخسر؛ تخسر المعتدلين التقليديين من جهة، وجموع الشباب المشدودين للتيارات الجهادية في سورية والعراق.

الغد