الأردن ليس الطرف الثالث
لا تخلو مرحلة من مراحل الحديث عن حلول أو تسويات للقضية الفلسطينية من زج للأردن في المسارات العسكرية والأمنية، سواء ممن يريدون إنهاء السلطة الفلسطينية وتجاوز فكرة الدولة الفلسطينية ويتحدثون عن حكم أردني للضفة الغربية، أو حتى في تفاصيل الحلول الأمنية ومنها ما تردد قبل فترة وجيزة عن قوات دولية تدير الحدود بين الأردن والضفة داخل الأراضي الفلسطينية، وقيل حينها أن الأردن سيكون جزءاً من تلك القوات الدولية، أي ستدخل القوات الأردنية داخل أراضي الضفة وتكون جزءاً من حالة عسكرية وإجراءات لتحقيق شروط الأمن الإسرائيلي.
ولعل كل مدرك لأسس الموقف الأردني من القضية الفلسطينية يعلم أن الأردن لن يقبل أن يكون الطرف الثالث على الأراضي الفلسطينية مع إسرائيل والسلطة، وأن هذا الموقف يمتد إلى حدود أردنية راسخة بأن الأردن لن يكون بديلاً عن السلطة الفلسطينية، ولا يريد أن يكون الجيش أو الأمن الأردني عازلاً بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل.
الأردن يريد دولة فلسطينية حقيقية، ومصالحه الكبرى أن ينال الشعب الفلسطيني كامل حقوقه في الدولة والعودة والقدس، لأن هذا هو الفعل الذي يواجه كل أفكار الوطن البديل أو الدور الأردني–كما يسميه البعض -، أو إعادة الضفة لحكم الأردن كجزء من حل يخدم المصالح الإسرائيلية وليس كفكر وحدودي.
الأردن لن يكون الطرف الثالث أو الثاني أو الوحيد في الضفة الغربية، لأننا جميعا ندرك أن إسرائيل تريد حلولاً لمشاكلها ولا تريد إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وجزء من العقيدة السياسية الأردنية أن الدور العسكري والأمني الأردني على حدوده الدولية وداخل الأراضي الأردنية لحماية المصالح والأمن الأردني، وهذا لا يتعارض مع أي عون أردني للأشقاء في السلطة على صعيد تدريب وتأهيل كوادرها الأمنية أو تقديم استشارات لمؤسسات السلطة.
الضفة الغربية أرض فلسطينية، و تحويلها إلى جغرافيا عليها دولة فلسطينية ثمن يجب أن يدفعه الاحتلال، والأردن يدرك تماما ما هي الأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، ولهذا فالأردن داعم للحق الفلسطيني، ومدافع عن مصالحه الأساسية في أي حل حقيقي للقضية، ولن يكون الطرف الثالث على الأرض الفلسطينية، ولا يسعى إلى استعادة الضفة الغربية، ولا يريد فدرالية أو كونفدرالية كجزء من تسوية، فالأولوية لدولة فلسطينية حقيقية ثم بعد ذلك يقرر الأردن والدولة الفلسطينية شكل العلاقة بينهما.
كل ما سبق أصبح من البديهيات، لكن ما يظهر أحياناً من تسريبات وأسئلة ربما يجعلنا جميعاً نحاول العودة إلى أسس الموقف الأردني الذي أصبح معلوماً وراسخاً لكل متابع.
الرأي